كل فرقة إسلامية في التاريخ عرضت سرديتها ومواقفها على أنها الدين نفسه، على أنه وحي لا غير ذلك، فنحن أحوج ما نكون إلى تعميم المقولة “لما استعمل الرواة الكذب، استعملنا لهم التاريخ” على تلك المقالات نفسها بتتبع تشكلها مدة وراء أخرى لتنضج، لتضحي وكأنها مقولة جاهزة تصلح للتعميم.
الغوص في طبقات تشكل الكلام (مقالات الفرق الإسلامية) هو رحلة في سردية تحدد قراءتها: من هو الآخر ومن نحن؟ هي رحلة في الهوية، هذه الرحلة يجب ألا تعرف المجاملة، فتحريف التاريخ يعني أن ننتج أجيالًا لا تعرف حقيقة نفسها، وهذا يظهر الضرورة الملحاحة لدراسة تاريخ الكلام بطريقة علمية، لا مجال فيها للجعجعة والإنشاءات المتصنّعة!
بعض المصطلحات تحتاج إلى تحرير لأن العديد من الناس يغالطون بها، من قبيل: “عليك بحمل هم الدعوة” أي دعوة؟ إن كنت تقصد: تذكير المسلمين ووعظهم فهذا يندرج تحت الأمر بالمعروف وله ضوابطه وفقهه وليس واجبًا على كل أحد كل حين، والدعوة تطلق على دعوة غير المسلمين، لا وعظ المسلمين. وقد انتشر هذا الاسم (الدعوة، والداعي)، أيام الدعوة الإسماعيلية لنظرتهم إلى غيرهم من المسلمين على أنهم عوام لا يعرفون الله! فهم يدعونهم إليه. ...
التعالي على التاريخ لجعل المقولات الكلامية لا تاريخية، من أهم ركائز الدعاية الكلامية لإسلاميين، تجعل المقولات قبل التاريخ وكأن شخصيات مثل الأشعري لم تقل شيئًا، لم تزد حرفًا إنما كانت مجرد جهاز لقط لما كان من آدم وإبليس!
“أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الطوسي، قرأ على أبي بكر محمد بن إسحق: “توضأ عمر من حرّ* نصرانية”! فضحك الناس منه. فقال محمد بن إسحق: سمعت المزني يقول: سمعت الشافعي رحمه الله يقول: ما ضحك الناس من خطأ رجل إلا ثبت صوابُه في قلبه” *يقصد: جرّ، فتصحَّفت عليه. (طبقات الفقهاء الشافعية، محمد بن أحمد العبّادي ٤٥٨هـ، LEIDEN، E.J.BRILL، ١٩٦٤، ص٧٧.)
“من المؤكد أن العوامل الدينية هي التي تفسر جانبًا من المكانة التي أحرزتها الفلسفة المثالية، والسمعة السيئة التي اكتسبتها الفلسفة المادية… لدى الكثيرين من مفكرينا ومن المشتغلين بالفلسفة في بلادنا. ذلك لأن المثالية ترتبط في أذهان هؤلاء بالجوانب الروحية، وبالمثل العليا، ومن ثم بتلك القيم التي تسعى العقائد السماوية إلى تأكيدها، على حين أن المادية ترتبط بالسعي وراء الماديات والتحلل الخلقي… ومن المؤسف أن هذه كلها ارتباطات باطلة، لا تصمد أمام التحليل الفلسفي المتعمق” ...
البيان والرد 👇
حتى الآن لم يكتب تاريخ علم الكلام كما ينبغي، عندنا مواد أولية في أحسن حال، الكتب الموجودة تفتقد لتفسير تلك المواد، ويكثر فيها الشحن، والجدل دون مراعاة الأسس التاريخية، وتلك المواد أكرر تشبه رسائل زودياك، تحتاج إلى فك شيفراتها!
كلما أفتح كتابًا كتب في تاريخ علم الكلام، هناك سؤال يغرد: أي (هبد) سأجد!
يوم الجمعة 12/11/2021، الساعة 07:00 مساءً بتوقيت القدس، على هذه القناة.
نقاشات القرون الوسطى، هل يقرأ في وقت العمل؟ تابعت طرفًا من النقاش الذي أثاره إبراهيم عيسى في الحديث عن القراءة في العمل بأنها ينبغي أن تكون في التخصص نفسه، لا القرآن، ورد الأزهري عليه الذي قال بأنه إذا تعارض، وإن لم يتعارض، إلى آخره. الذي لمسته من كل هذا، ذلك التأمل الذي يعود إلى القرون الوسطى من أطراف النقاش، بالابتعاد عن تصوّر آلية الاستثمار الرأسمالي القائم اليوم، فالموظف متى قصر في عمله فهناك شبح فائض العاطلين عن العمل: ممن يهددون وظيفته، فهو ليس مثل [المملوك/ في القرون الوسطى الذي متى أهمل: وباعه الرحل سيخسر فيه/وهي نقطة كانت لصالح المملوك]. ...
الآن الجماعة الذين يضعون علامة توثيق بجانب اسمهم، وتكون المنشورات من عينة: يقوم الدكتور/ البروفيسور/ سماحته بندوة، بأي شيء، يريدون إفهامنا أن هناك فريقًا يقوم على إدارة الصفحة، في الوقت نفسه الذي يقوم رؤساء دول كبرى بالتغريد بأنفسهم على تويتر، وفيسبوك؟🤔
“عن عبد الله بن عمر قال: يأتي على الناس زمان يجتمعون في المسجد، ليس فيهم مؤمن” (كتاب الزهد، وكيع بن الجرّاح [١٩٧هـ]، حققه: عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي، مكتبة الدار، المدينة، الطبغة الأولى: ١٩٨٤م، ج٢، ص٥٣٣، قال محققه: رجاله ثقات، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.)
تجد الواحد من هؤلاء لا يكف عن الثرثرة بأن الإسلام غير متسامح أبدًا لكنه يعجب بخطاب إسرائيل: بأن الأديان الإبراهيمية متسامحة، جدًا، لأنه يريد أن يسوّق لنفسه، ويطبّل لموقف سياسي: حمامة سلام. ثم يرجع: الإسلام يا أخي غير متسامح.
العقل الِحجاجي! لعل من أهم ما تم توارثه بين الناس، هو العقل الحِجاجي، الذي يظهر كل حين في تصريحات رسمية، إلى كتابات لمثقفين، إلى الحديث المتداول في الشارع، وفي الأسر على نحو ضيّق. العقل الحجاجي الذي ينفر عن منهج ورؤية بقدر إلجام المخالفين من الخصوم، الحقيقيين، أو الذي قد يضحون يومًا منهم، فالمهم هو إسكات الخصم، وإن لم يقدم إلى الأمام خطوة واحدة. فإذا جرى الحديث عن التقدم العلمي، أو المؤسساتي، قفز أحد الجالسين واضعًا رجلًا على رجل ليقول: وماذا عن تاريخهم الأغبر! إن جرى الحديث عن وضعية حقوق الإنسان في دولة قفز الشخص نفسه ليقول: لا تعايرني ولا أعايرك، اللي طايلني طايلك! ...
“لو كانت الدعوة الإسلامية المعاصرة تحمل ذرة من التفتح العقلي، والاستنارة، والرغبة الحقيقية في التحرر من سيطرة الأجنبي، لكان أول وسائلها إلى تحقيق هذا الهدف فهم الخصم فهمًا صحيحًا، وتكوين صورة صادقة ومتوازنة عنه، ولعملت على غرس روح البحث والنقد في نفوس أتباعها، بدلًا من أن تفرّقهم في ظلمات القوالب المحفوظة”. (الصحوة الإسلامية في ميزان العقل، فؤاد زكريا، دار الفكر، القاهرة، ص٧٩.)
“البلد المسكين، يكاد يفزع من معرفة نفسه، ليس لنا أن ندعوه أرضنا الأم، بل قبرنا، حيث لا شيء يبتسم، إلا الذي لا يعرف شيئًا” (مكبث، وليم شكسبير، ترجمة: جبرا إبراهيم جبرا، وزارة الإعلام-الكويت، ١٩٨٠م، ص١٥٩.)
“الهجرة هي نوع من الانتحار الجزئي، أنت لا تموت، لكنَّ الكثير مما في داخلك يموت، لا سيَّما اللغة” (حياة أخرى، ثيودور كاليفانيدس، ترجمة: فلورا مجدلاوي، فينيكس، ص٨٠.)
“جدتي لأمي لم تكن فيلسوفة، لكنها كانت تقول: الكلمات ليس لها عظام، لكنها تستطيع تكسير العظام، كانت تدرك ما نعرفه جميعًا؛ إن كلمة واحدة قد تسبب ألمًا وضررًا أشد وقعًا من أكثر السكاكين حِدَّة، بالنسبة لها الأقوال والأفعال هي الشيء ذاته.” (حياة أخرى، ثيودور كاليفانيدس، ترجمة: فلورا مجدلاوي، فينيكس، ص٦٩.)
“أيًا كان ما تفعله أو تقوله، عليك أن تأخذ بعين الاعتبار وجود الشخص الآخر، يمكنك تجاهل ذلك بالطبع، لكن حتمًا ستكون هناك عواقب، فستنشأ المرارة، والكراهية، والإرهاب، وحتى الحرب الحقيقية، وهنا لا يجدي أن نختبئ خلف فولتير.” (حياة أخرى، ثيودور كاليفانيدس، ترجمة: فلورا مجدلاوي، فينيكس، ص٦٦.)