الثورات العالمية مثل الفرنسية والروسية، وحتى الحرب الأهلية الأمريكية شملت تغييرات مفصلية في البناء الاجتماعي، وكان لها امتداد سياسي، بخلاف الأحزاب العربية إذ لا تمتلك رؤية اجتماعية بخلاف الوضع القائم، حتى أشد الأحزاب ثورية هي منحصرة في الحالة السياسية ولا تملك سوى الحفاظ على الواقع الاجتماعي، على أنَّ الواقع الاجتماعي ذا تأثير حاسم في شكل السلطة السياسية، بل يمكن أن يقال إنَّ الأحزاب السياسية ما كانت إلا بديلًا لتكتلات العائلات والعشائر وروابط الدم في أوروبة، ويمكنك أن تحالف عشائر وتقضي على أخرى بها، لكن العشائر الحليفة ستبقي على حكم الفرد المطلق حين تنتصر، هو تحرك وفق منطق العشائر، هي الحالة المتوقعة من هذا النظام الاجتماعي في شكله السياسي، فتحالفات القبيلة لا يمكن أن تنهار بعدها بالشعارات، بل سترى الزعيم المنتصر كزعيم للقبيلة أو رأسًا لمجموع القبائل.
...