عقدة الأقلية وأدب السجون!

كثير من الإسلاميين لا يزالون يتعاملون دون تحديث معلوماتهم عن الأوضاع في المنطقة، فكلما تحدث شخص في رصد تصرُّف، أو تقييم أفكار، أو نقد لسياسة، أو حتى رفض لأحزابهم، تعاملوا معه كأنه جزء من المحيط العلماني الهادر الرافض لهم! ويجب أن نبدأ بالحديث معه في إثبات رب للكون!

هذا ممكن في الستينات، في السبعينات، حين كان مصطلح (علماني) يمثل موضة أنظمة ومثقفين وجامعات وحركات لكن ليس بعد ذلك، ففي ١٩٧٩ نجاح الثورة الإيرانية بزعامة الخميني، بداية الدخول السوفيتي لأفغانستان وانطلاق الجماعات التي تصدرت، حادثة جهيمان والحرم المكي، مرورًا بالشعارات الإسلامية التي اجتاحت مختلف قواعد الحركات اليسارية والوطنية (العلمانية)، فالتيارات الإسلامية كاسحة شعبيًا وتمثل أغلبية في كثير من المناطق، وهي صاحبة مبادرة في خطواتها بغض النظر عن النجاح والإخفاق أو حتى انسداد الأفق والفشل، في حين لا يوجد أحزاب علمانية نشطة من الرأس إلى القواعد الشعبية بصورة فاعلة ورغم ذلك لا يعفيها عاقل هي الأخرى من النقد والتقييم.

لكن أن يتعامل من مسك بالمبادرة السياسية، واكتسح شعبيًا بعقلية أنه أقلية لا يتحمل مسؤولية أي تجربة، هي عقلية من حسب نفسه سيبقى معارضًا طيلة الدهر كأداة لتصوير نفسه في دور الضحية فقط، لا الفاعل المؤثر! عقلية من لا يتوقع أن يكون رجل دولة ولن يكون سلطة تُساءَل حتى لو استلم سلطة فعلية على أرض الواقع سيبقى بصيغة المتحدث في أقبية السجون والمنافي، والملام دومًا هم والنظام السابق والعهد البائد والمؤامرة العلمانية، هي عقدة الأقلية التي تشكلت في بدايات الإنطلاق، وهي مريحة إذ تعفي من المسؤوليات ورصد التجارب، وتصل إلى حد احتمال رؤية أكفان الجثث، لكنها تضيق ذرعًا بكلمة تقييم في حق تجاربها!