الجدل لا الفهم
لأكثر من الف سنة ارتاض العقل العربي على أسلوب الجدل والمماحكة، في مختلف المواضيع، تاريخ الكلام كان بهذه الطريقة: (فإن قالوا… نقول)، (استدلوا على قولهم وهذا نقلبه عليهم)، وعلى هذا طريقة الفقه المقارن، وهو ما عزز الآليات الدفاعية عن الطائفة/المذهب على حساب الفهم، لذا لم يكن غريبًا أن تجده متبحرًا في الفقه مثلًا لكنه دعائي في تاريخ المذهب، منافح عن الطائفة لكنه ليس تاريخيًا في فهم تطور مقالاتها، وهو ما له أثر كبير في التعامل اليوم مع الانحيازات، ففي نظره للسياسيين يرى أنهم (أصحابنا) الذين يجب التفنن في إبرازهم كأعظم ما أنجبته البسيطة، حتى لو كان الفهم وتقدير المواقف بالمقلوب، فالمهم صورة الولاء أن تظهر، وتسجيل نقاط على المخالف، لا فهم الظرف، التاريخ، الواقع، والخيارات وتقديرها، لذا من يتعاملون بهذا المنطق يبقون في دائرة (الجمهور) المتلقي، المصفق تارة، والشامت تارة أخرى، لا صاحب رأي يستشار، ولا جزءًا من مشروع ينضج!