عقل المعجزات!
كم مرة تصل المبالغة بأهلها حدود منح صفة (المعجزة) لما يرغبون فيه، كأنهم يحسبون أنَّهم كلما بالغوا كان في ذلك تأثير خفي في الأفعال والنتائج الموضوعية، (معجزة سياسية) أو (معجزة عسكرية) حتى يفترض أنَّ من يمنحونه هذه الصفة لو ادعى النبوة لقامت الحجة عليهم بذلك!
وهو ما يكشف عن ذلك العقل غير المنظَّم الذي لا يزال يجهل العلاقات بين الأسباب والنتائج، وكل ما يبهره ويؤثر في مشاعره يمنحه صفة معجزة! مع أنَّه ليس متخصصًا عسكريًا أو سياسيًا فمتوقع أن ينبهر بأي مشهد حربي حتى لو كان من فيلم أكشن!
بل إنَّ منهم من يجعل معجزات الأنبياء كأنَّها أصل يحدث لا خارق لما هو قانون في الطبيعة، ويطلب داعيًا لتحققه كمن يعلم أنَّ فلانًا يحترق في بيته فيدعو: اجعل النار بردًا وسلامًا، فيفترض أن تحدث معجزة كما حصل مع إبراهيم في النار؟! وتتوقف النار عن الإحراق؟
قياسات بعيدة بلا تفريق بين الأصل والاستثناء الخارق الخاص بالأنبياء، وكان الفقهاء رغم إيمانهم بالخوارق والمعجزات لا يبنون أي حكم وفقها، لقد بحثوا فروعًا كثيرًا ومشوا فيها على قانون الأسباب لا الخوارق، ولكن لا يزال من يحلل وفق الخوارق، ويمارس السياسة وفقها، في عالم ذهني لا يُعرف فيه سبب من شرط من نتيجة!