قليل من الشخصنة!

كنت قد كتبت عن الكتابات في (شرعية السلطة السياسية) في المنطقة العربية بأنها لا تسد الفراغ، فانبرى لي أحد الإخوة بتعليق ذهبي: على القائل ألا يستثني نفسه! صحيح أخي لكنِّي أعيذك من اعتبار الأمر مثل الوجبات السريعة! بمعنى: نريد نظرية في المعرفة هيا تفضلوا! نريد قراءة علمية في القرون الثلاثة المؤسسة في تاريخ الإسلام بدل الدعاية المذهبية والطائفية؟ تفضلوا، هذا يصلح في الوجبات السريعة، ليس في العمل الجاد، حين قلت نحتاج شيئا في نظرية المعرفة أمضيت 5 سنوات في كتابة ما أراه فيها، وحين أقول نحتاج إلى كتابة في شرعية السلطة، فهذا يحتاج إلى جهد ووقت، ولا يمكن الكتابة فيه دون البحث التدقيقي في تاريخنا حين وضعت المقالات الأولى للفرق والطوائف على اختلافها، ولذا فهذا نفسه يتطلب عملًا سابقًا، ولي 6 سنوات فيه إنجاز (أصل الكلام، مقلات الفرق الإسلامية الأولى)، ولذلك يا عزيزي هذه 11 سنة في موضوعين فقط دع عنك ما تخللها، لكن بعض النَّاس لا يتصور المشكلة وما يتطلبه حلُّها.

وهو جزء أساسي من الخلل في المنطقة العربية، الارتجال والبعد عن المشاريع طويلة الأمد، مثلًا جماعة مثل جماعة الإخوان، كان حسن البنا في مذكراته يقول بأنه بدأ بمشروعه شابًا، لا دراسات ولا بحوث ولا نحو ذلك، وبسرعة هيا نبدأ التكوين ثم الخوض في مغامرات سياسية، موضوع أقل ما يقال فيه: إنه ارتجال سريع مبني على المسلمات التي كانت في زمنه بما فيها الدينية (أواخر الدولة التركية العثمانية) لا أرى أننا اليوم بحاجة لمزيد من الارتجال ونحن نؤسس لهوية ونظرة وفكرًا سياسيًا، نعم يطالَب القائل بأن يبذل يستفرغ جهده هذا حقك بالمطالبة عزيزي، لكن أن تتوقع بأنه سيحل كل شيء يجد فيه نقصًا وأنت تضح رجلًا على رجل، كأنه فانوس سحري وأنت من تحكُّه، ثم تتصدر في مختلف المواضيع دون جهد سنين؟ هو مذهب قريب لمن يريد للحروب أن تقوم لكنه مشارك في المشاهدة فقط وتسجيل انفعالاته اللحظية للمتابعين!