لا زلنا عالقين في براثن التاريخ
ولن نستطيع أن نتجاوز أزماتنا سوى بالتحديق مليًا فيما تجاهلناه منه، مع الأحداث السياسية قرأت منشورًا لأحد المعلقين، قال فيه حينها بأنه لن يهزم تيار يقوده من هم من سلالة آل البيت، كان الكاتب يعتبر نفسه من نسل يراه مميزًا ينتهي إلى (آل البيت) بنظره، لا يقدم وعده ذلك أي تحليل للأحداث، ولا يسهم حتى ذرة واحدة في ميزانها، لكنه يسهم بتعزيز مكانة القائل، فهي دعاية لنفسه ليحوز مكانة لم يجهد بتحصيل أسبابها، فيطالب بمجد لشيء لا اختيار له فيه ولا لغيره.
وكان نيتشه قدم تحليلًا نفسيًا لسلوك الكنيسة وهي تتحدث عن التواضع مثلًا وقدم ادعاء مفاده بأنَّ إعلان التواضع الضخم ما هو إلا خطوة للسيطرة، ما هو إلا صورة كبر كامن، باعتبار تواضع الكنيسة نزولًا عن مكانتها التي تراها فوق الناس للتقرب لمن تسعى لاحتوائهم، ثم تقيم سلطانها المتغطرس عليهم من بوابة التواضع لهم.
إنَّ مقال القائل عن آل البيت احتكام لمسلمات صنعت عبر رحلة من التاريخ، تضمن مفعولها كل مرة بالقدر الذي يتم تجاهل تلك المقالات وكيف صيغت، لقد صنع التاريخ العقل العربي بمسلمات كثيرة، فلم يحو التَّاريخ أحداثًا فحسب بل أنماط تفكير، لذا فإنَّ كل تجاهل له، يعني بقاء تلك الأنماط نافذة متحكمة، حتى لو تكلم صاحبها بلسان عصري، فلا يتغير تفكير إن نزعت عن رأس صاحبه عمامة وألبسته قبعة!