تعرض حازم صاغية في كتابه الموسوم (هجاء السِّلاح) لتشريح الواقع اللبناني وتوازناته الطائفية، الطبقية، مع اعتماد عناصر فيه على شعار (المقاومة) عبر التعرُّض لعدة تجارب منها الجزائرية، والفرنسية، الكوبية، ومما ذكره فيه سبب المعنى “المتعالي” الذي يمنح للشِّعار، فذكر لذلك سببين:

أولًا: رفض الاستعمار وحق تقرير المصير وهو ما يزدهر بين النخب.

الثاني: معاني الرُّجولة والشَّرَف والكرامة وهو ما ينتشر بين الزَّعامات التقليدية المدنية/والريفية.

ويحذُّر من تبسيط المسألة فهو ما يمسخ النظرة الأوسع من العلاقات، فبما يسميه “العنف يعاند السياسية”، يستشهد بأنَّ “القائد الكوبي [كاسترو] خلال سنتين من القتال لم يعقد أيَّ لقاء سياسي” ويرى أنه “كلَّما زاد الضُّمور الفكري والسِّياسي تنقلب ثقافة المقاومة إلى سلسلة أفعال انتهازية تجيز أحيانًا التعاون مع العدو الأصلي الغازي الذي يفترض أنه علَّة وجود المقاومة، لإنزال القهر بالطرف الدَّاخلي الآخر”.

إذ ما ينشأ هو “تسييس مسلَّح” مبني على العاطفة لا الأفكار، “فالعنصر الأيدلوجي والفكري يكاد يكون معدومًا في العمل” إذ ليس “مؤسسيًا يمتصُّ النزاعات والأفكار” إنه يؤسس لشرعية جديدة، بما يسميه منطق التهليل، إذ “من قتل مغتصبه لا يصوِّر فعلته عملًا مجيدًا تعدُّ له الأجيال جيلًا بعد جيل، بل يصوَّر كاضطرار بشع أملاه سلوك بشع”.

لكن في حالة (الشَّرعية الجديدة) فإنَّ “المقاوم لا يقتصد في طلب التمجيد إذ ليس جنديًا مجهولًا يكتفي بالتكريم الرَّمزي” بل يتحوَّل إلى رغبة “طامحة إلى حكم بلد بأسره” هذه الشرعية الجديدة تعتمد على عناصر : “أشدُّ تعطُّشًا للسُّلطة بسبب صدورهم عن بيئات مقصاة تاريخيًا عنها” ولذا يرى أنَّهم يضعون مجتمعاتهم بين خيارين حينها: الخضوع وبذلك ينشأ الاستبداد والحكم العسكري ويمثل على هذا بالحالة الجزائرية، أو الدخول في حرب أهلية كما حدث في تاريخ لبنان.