كثيرًا ما يُستحضر ذِكرُ أفغانستان والقتال فيها ضد السوفييت دون فهم لكثير من تفاصيل ما حدث في الثمانينات، لكن-كالعادة-فإنَّ العديد من السِّياسيين العرب يصبحون مفوَّهين في لقاءاتهم مع الغربيين، ويفصحون عن وقائع لا يذكرونها في خطاباتهم الموجهة إلى المنطقة العربية، حينَ يصبح كلامهم مليئًا بالخوارق لا الوقائع والأحداث.
يوسف ندا المفوض السَّابق للعلاقات الدولية في جماعة الإخوان كان قد أجرى لقاءً مع دوجلاس تومسون وتعرَّض فيه لتلك المرحلة، وذكرَ بعض ما قام به من وساطة دبلوماسية سِّرية للجماعة، ومنها ما يتعلق بالحرب في أفغانستان، فقد بدأ السوفييت بالتفكير جديًا بالانسحاب من أفغانستان سنة ١٩٨٦، وهو تاريخ مهم فهو الوقت الذي وصلت فيه صواريخ (ستنغر) الأمريكية المضادة للطيران إلى أفغانستان، وهي السنة التي وقع فيها انفجار تشرنوبل في أوكرانيا وكان أخطر كارثة إشعاعية في التاريخ، هددت أوروبا واستهلكت موارد الاتحاد السوفييتي.
حينها اتصل السوفييت بيوسف ندا للانسحاب من أفغانستان، وترتيب لقاء لهم مع حكمتيار لوقف الحرب، كانوا يريدون مخرجًا آمنًا لجنودهم، والتفاوض حول نزع الألغام وإعادة الإعمار، وتقرر مكان الاجتماع في إيران، وتم ترتيب ما يلزم ذلك لكن يقول ندا: “قبل الرحلة بثلاث ساعات تدخل الأمريكيون” فرفضوا العرض، واستمر القتال، وعلَّق ندا: “أراد الأمريكيون للحرب أن تستمر، كانوا يريدون أن يزداد نزيف السوفييت إلى أقصى ما يمكن، لم يرضوا لهم انسحابًا آمنًا، وقد حصلوا على ما أرادوا، واصل قلب الدين حكمتيار هجومه، قصف كابول، فمات عشرات الألوف”، استمرت الحرب حتى ١٩٨٩ دون أي اتفاق على إعادة إعمار أو تفكيك ألغام، ونسيت الولايات المتحدة أفغانستان حتى رجعت إليها بالقصف في ٢٠٠١.