حوار مع الزعيم جمال عبد الناصر
لمَ اتخذت خطوة أوصلت إلى ١٩٦٧، ألا يحق لأحد أن يسائلك بصفتك القيادة السِّياسية الفعلية؟ وما يتبع ذلك من مسؤوليتك أنتَ في إيجاد حلول لا لومِ كل شيء إلا من قرر وقاد؟ تأفف وهمهم قليلًا وقال: إنها الإمبريالية العالمية، أتلومني ولا تتحدث في الولايات المتحدة التي انحازت ضدِّي، مع حلفائها تحتَ الطاولة من الأنظمة الرجعية؟ ثم هي معركة طويلة ولذلك سميتها: نكسة.
-أيها الزعيم نتكلم في قرارك السِّياسي الذي تبعه كل ما حدث، لمَ تهرب إلى ذِكر المسوِّغات والصُّعوبات التي يتفق معك فيها كل عاقل، أنت دخلت بقرار سياسي ولهذا تبعات على المنطقة بما يشمل الأهالي والأرض، لو نجحت لفرضت سطوتك على العالَم العربي، فلمَ إن فشلت رميتَ الحِمل على غيرك وأنت ما اعترفتَ بهم يومًا؟
صرخ مرعدًا هل كانت إسرائيل تحتاج إلى ذرائع؟ لقد خطَّطتْ لذلك طويلًا ألم تشاهدهم في ١٩٥٦ وقد شاركوا في العدوان الثلاثي، ما هي علاقتهم بتأميم قناة السويس، هل كنتُ في السُّلطة حين حوصرت مع غيري من الجنود والضباط في الفالوجة لمدة ١٣٠ يومًا ولم نستسلم في ١٩٤٨؟!
-يا عزيزي لمَ تتشكَّى كأنَّ من يخاطبك هو من يقصفك؟ من عارض قرارك وكنت تسحلُه ولا تصغي إليه باعتبارك الملهم الوحيد لا يعترض عليك دفاعًا عن الولايات المتحدة، ولا خوفًا على خصوم العرب والمسلمين، بل دفعًا عن المنطقة وفق ممكنات المرحلة، ويعتقد أنَّ التضليل الذي مارسته يقارب الخيانة، فالإحجام عن خوض حرب مع القدرة عليها يماثل خوضها دون قدرة، لقد عانى المسلمون الاضطهاد في مكة، ولكن لو قرروا الدُّخول في بدر قبلَ أوانها لكانت قاضية.
-ماذا تريد؟ هل تنتظرني أن أسكت عن كلِّ التجاوزات؟ لقد خذلني العرب ولم يخوضوا معي ما خضت، وهناك من تربص وفرح بما يحدث.
-لمَ تحرف الكلام كلَّ حين كأنك الحريص وحدَك على حال العرب والمسلمين، ولم تسوق لقراراتك وسياساتك مسوِّغاتٍ أخلاقية ومبدئية في وقت يجب أن تكون سياسية وعسكرية، فلا أحد يناقشك في الشَّرعية بل في الجدوى وطريقة التعامل السِّياسي، نعم عليك أن تسكت إن كان ذلك بديلًا عن أيِّ حماقة غير مدروسة!
-احتدَّ وقال: هل تسمي الجنود والشرفاء الذين قَضوا بالحماقة؟ هل تتطاول على الذي ضحوا بحياتهم….
-لمَ تتاجر بتعب العمَّال متى قيل لك هناك خلل هندسي في البناء؟ ألا تتحمل مسؤولية هندستك وتلقي الثِقل على العمال دونك؟
-نعم سأفعل، ها أنا أستقيل ولكنِّي سأرجع، وأعيش حيًا بين الفلاحين الذين حررتهم، فأنا فكرة وهي لا تموت، وسيطلق إعلامي عزيزٌ عليَّ لحيته، سوَّغ لي سياساتي طيلة حياتي، فأعينُ هيكل من اليوم مفتيًا لا صحفيًا!