جزء من مهازل التحليل السِّياسي الذي يقدَّم بين الحين والآخر التعليم الذي تلقاه النَّاس، بما ساهم في تحويل الحديث في السِّياسة إلى ما يشبه الشِّعر، فيندفع الواحد منهم إلى استحضار ذكر الجزائر مع الاحتلال الفرنسي عند كل صغيرة وكبيرة، دون فهم لحقبات ذلك الاحتلال، وظروف الجزائريين التاريخية، ومن أهم ما يُحذف في التجربة الجزائرية: الحرب العالمية الثانية 1939-1945، فقبل اندلاع الحرب الثانية كان الجيش الفرنسي قد ركن إلى استراتيجياته القديمة التي مكنته من النَّصر في الحرب العالمية الأولى، فركَّز على عدد أفراده الذين كانوا ضِعف الجيش الألماني المقيَّد بمعاهدة فرساي، وكانت آلياته كبيرة الحجم بطيئة المناورة.

أما الألمان فركَّزوا على جودة التعليم واعتمدوا استراتيجيات جديدة، منها سرعة الآليات لتنفذ هجمات خاطفة، حتى جاءت سنة 1940 فتعرضت فرنسا لهجوم ألماني كاسح وخسرت ما يقرب من 100 ألف قتيل حتى دخلت القوات الألمانيا إلى عاصمتها باريس، ولمع اسم روميل في معارك الدَّبابات التي سحقت الآليات الفرنسية، ومع ذلك بقيت فرنسا تحتل الجزائر التي لم تحصل على استقلالها إلا بعد 17 سنة من الحرب العالمية الثانية! وخلال ذلك حدثت محاولة انقلاب في فرنسا سنة 1958، بما أدى إلى عودة ديغول إلى السُّلطة، ثم محاولة أخرى في الجزائر لأربعة جنرالات فرنسيين في الجزائر سنة 1961 بما هدد وحدة الأراضي الفرنسية، فلو انقسمت فرنسا لتوَّل الأمر إلى حرب أهلية، إنَّ الظروف السِّياسية التي ترتبط بتجربة حين تحذفها تحوِّلها إلى شعارات مجردة، لا تجربة واقعية.