الاختزالية النفسية
نقيض أي تحليل موضوعي رد الواقع إلى الحالة النفسية، فهي التي تلعب الدور الحاسم وفق هذا التصوُّر، فمتى كانت الهمم تعانق السماء، فسيكون الواقع أفضل، هذا التصور عمدت إلى نشره الشركات الرأسمالية الأمريكية في التسعينات، بإقناع موظفيها بأنَّ سقفهم الاقتصادي متعلِّق بتصورهم الإيجابي عن أنفسهم، كلما زاد عطاؤهم وتفاؤلهم، كلما أزاحوا [الأفكار السلبية] فهي غير موجودة، “العالم هو تصوراتك عنه” كما كتب أرسين آر كوفي، وبهذا مولت تلك الشركات مدربين لإقناع طواقم الموظفين بهذا، لكن العالم منفصل عن التصورات، هناك ظروف موضوعية، واجتماعية أشد تأثيرًا من النفسية الفردية، لن يصلح هذا التدريب اقتصاد منهوبًا، وفي الشق السيِّاسي يتعامل كثيرون معه بمنطق (التنمية البشرية)، لذا كانت اليسارية صبيانية دومًا، متى تعالت عن الدولة وظروفها، والعالَم وعلاقاته بملاحظة الشروط والموانع لأي موقف وفعل، لتظن بأنها متى نشرت حالة نفسية متذمرة من الواقع، وحالة نفسية تريد شيئًا، فإنها ستحقق تغييرًا لحظيًا، وفق أي شيء؟ وفق خرافة (قانون الجذب)؟ إنَّ هذا المنطق يتجاوز السياسة نفسها التي ترتبط بفن الممكن، ولكنَّ وفق هذا التصور الشعري فإنَّ المشاعر تصنع المستحيل، فلا حاجة لمراعاة الممكن الموضوعي.