جماعة التبليغ ووسائل التواصل
من حيث الأصل أسسها محمد الياس في الهند في بداية القرن العشرين، ثم انتقلت إلى المنطقة العربية، وشكَّلت نظام (أخوية) دينية، ومع وسائل التواصل أضحى بعضهم من المشاهير، واستهدفت الجماعة الشرائح المهمشة، ويمكن أن يتحدَّث الواحد منهم في وعظة بطريقة الحديث عن المونديال، وخصم العروض التسويقية، ويجعلها في الله!
ويسمون وعظهم (دعوة) رغم أنَّ الدعوة تكون لغير المسلمين، ولكل واحد منهم قصة في (التوبة) تكون مليئة بالمبالغة مثل الحديث عن بعد أهله عن الدين، كأنه ابن لأعتى الأحزاب الشيوعية ثم لا يكون فيما يقوله سوى قصور يعتري الأسر المسلمة، على أنَّ المسلم كل يوم يحتاج إلى توبة، فكل بني آدم خطَّاء، ولا يوجد فاصل بين مرحلة (توبة) وما بعدها!
بل يغفل هذا الخطاب في مرحلة ما يسمونها (الهداية) عن أوزار أعظم كالقول بغير علم، والكبر، والبدع وغير ذلك، يغطيها بالغطرسة، بدل إقراره بتقصيره وجهله مثلما كان عليه من قبل، فضلًا عن طريقة الحديث عن الله بما فيه خرق لحجاب الهيبة وهو يعقد المقارنات في حديثه عنه تارة بالمدير والموظف، واللاعب والفريق.
وفي الغاية القصوى يسعى لفرض سلطة اجتماعية له وللجماعة، عبر توزيع آرائه في مختلف المجالات، بحجة أنه والجماعة تسببوا بتوبة بعض المدمنين، أو الفنانين، محولًا المدمن السابق إلى معتقد بنفسه أنه أستاذ مؤهل لحل مشكلات العالَم! هكذا في يوم وليلة من (الجاهلية) بنظره إلى (العالِمية)، ومن قصة (مخزية) بتقديره، إلى أخرى (تستحق أن تروى)! بل أن تحتذى وفي الحالين يلعب دور البطولة.
الجماعة بنفسها لا فكر لها، لذا كانت بوابة لغيرها كتجمع يوزع على مختلف الجماعات، كالإخوان والتيارات الجهادية، فكان من الجماعة الغنوشي في بداية شبابه، وكذلك أبو قتادة الفلسطيني، إنَّ ما تمنُّ به الجماعة من تأثيرها، لا يساوي الأضرار الفادحة التي تتسبب بها من تحويل عوام لا شأن لهم في الشأن العام، إلى معتقدين بأنَّ لديهم مؤهلات عظيمة، بحجة أنَّه رافق بعض من أقنعه أنَّ انخراطه في الجماعة قد يعطيه جرعة سعادة تفوق مرحلة المخدرات، أو أي شيء كان عليه قبل الجماعة.