الكلامُ حيٌّ بين الناس
حينما يُذكر الكلام بمعنى المقالات للفرق الإسلامية، يصرُّ قسم على أنه [نيو سكول]، فيريد أن يبدأ على بياض، متجاهلًا تاريخ المنطقة، مغفلًا أنه كغيره محكوم بالمقالات السابقة، تلك المقالات أو الكلام يمكن وصفها بطريقة تفكير، أكثر الناس لا يفطنون لتأثيرها المتوارث عليهم، فضلًا عن الخروج عنها أصلًا، سواء مثَّل دور التجديد، أو تطرف بصبيانية إلى التبشير بالإلحاد.
على سبيل المثال النقاشات التي كانت في القرن الأول والثاني من الهجرة، لا تزال هي هي، قديمًا كان يعتبر أنَّ من تكلم مقابل الحديث عن الأموال مشيرًا إلى (سوء التوزيع) في وجه من يقول هذا رزق الله، أنه قدري والأمر يتمدد إلى نواحٍ أخرى كالحديث عن التكلفة البشرية لأي حرب، في مقابل: هذا ابتلاء الله ونحو ذلك.
لا تزال مصادر المعرفة تستحضر الاستدلالات نفسها، التي كانت من قبل، مثل الحديث عن الرؤى والمنامات، والمسك الفواح من قبر من مات في خروج ابن الأشعث، حتى شرعية الحكم والصفات الشخصية للقائد هي نفسها التي سيقت مرارًا في اعتبار شخص أنه (الإمام)، وتضحي النقاشات بطريقة الجدل الكلامي الذي يعد من مقصده:
١-حماية الطائفة ٢-إلزام المخالف بأقواله وأفعاله.
ويغيب عن المسألة البحث العلمي بغرض الفهم لا المماحكة، وهو ما نقده بيكون على أرسطو ومن اعتمدوا منطقه، هذا ما يحيا بين الناس، وأي انعطافة غير مدروسة تهدد بتضييع الهوية والانتماء لكل ما في المنطقة وتحويل أصحابها إلى فرع عن التاريخ الأوروبي، الذي لا يظهر أي إمكانية لاحتواء صاحبه إلا على وجه التبعية سياسيًا.
في المقابل هناك تعصب كأنَّ كل شيء قيل في التراث، رغم أنَّ ما لم يكشف منه على وجه التحقيق الكثير مما يجعل السرديات الكلاسيكية تفتقد لعنصر التفسير والمقارنة والتفنيد أو الإثبات التاريخي في كثير من جوانبها، وتدفع الجامعات (أبحاثًا) أقل ما يقال فيها أنها لا تكتشف بقدر ما تطبق سرديات متبناة سلفًا، بما يجعل أجود ما يفرزه ما يسمى تيارًا علمانيًا (الترجمة) دون إنتاج فكري، في مقابل ما يسمى إسلاميًا (يحقق) ما هو مخطوط من تراث، دون كشف كبير في الشق التاريخي للمقالات.