الثورة والسلطة
ليس سرًا أنَّ الثورة فعل سياسي، يجري عليها ما يجري في عالَم السياسة، والثورة تعقد صفقاتها السياسية، لم يكن ممكنًا للينين أن يجتاز الحدود الروسية دون صفقة مع ألمانيا تضمن وقف الجبهة الحربية الشرقية لألمانيا وهو ما توِّج في صلح بريست (١٩١٨)، وجرَّ عليه هجوم اليمين، وكانت مسوِّغات لينين الالتفات إلى بناء الدولة الجديدة دون دخول مواجهة ليس مستعدًا لها.
لكن من أهم ما طرح حينها من جهة الثورة الجديدة إلغاء الدبلوماسية السرية، ومن نتائج ذلك نشر اتفاقية سايكس-بيكو للعلن أمام العالم، باعتبارها نتيجة (الغرف المغلقة)، والعلاقات الدبلوماسية ضرورة لا يمكن إغفالها لكن تأتي خطورتها حينما تكون سرية، تعقدها مجموعة في الخفاء، وهنا يصبح ميزان المصلحة غامضًا هل هو الشعب أو الوطن، أو حفنة مستفيدة.
الدبلوماسية السرية تبشر بقيصرية جديدة، فكيف حين يُجحد وجودها في العلَن (بفضل الله) فهذا معناه احتكار الصفقات السياسية بعيدًا عن أعين الشعب، دون رقابة ودون معرفة لبنودها، وتؤذن بتجمع السلطات بأيدي قلة، تصرح للصحف العالَمية بسياستها أكبر من مصارحتها لشعبها.