لماذا تقع الأخطاء في شهادة العديد من السجناء؟

في الأيام السابقة انتشرت شهادات سجناء لسنوات عانوا الضرب والتعذيب الممنهج في السجون، وكان الذين يجرون المقابلات معهم قنوات إعلامية، أو نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، بمعنى أنهم ليسوا خبراء في التعامل مع هذه الحالات، ولا يعرف الذين يجرون تلك المقابلات ما يمكن أن يحدثوه من ضرر، فأهم ما يمكن أن يوقع في أخطاء أثناء تسجيل تلك الشهادات تحريفها بما يضيِّع للأصل.

مثل إعادة بناء الذاكرة إذ إنَّ كثيرًا من السجناء قد أهملوا معلومات كثيرة من ذاكرتهم عن حالهم في الخارج، أو في مراحل اعتقالهم، بما أدى إلى فقدان ذاكرة ناجم عن الصدمة أو الإجهاد وصولًا إلى عدم القدرة على تذكر المعلومات الشخصية المهمة.

فيأتي المذيع ويسهم فيما يعرف بإعادة بناء الذاكرة، فيجعل الشخص يتذكر لكن بصورة مشوهة للحدث، مثل الحديث عن طبقات تحت الأرض في سجن فيقول السجين نعم هذا حقيقي وأتذكره، بعد أن أعيد بناء ذاكرته، أو تعرض عليهم صور لمعتقلين مفقودين بما يدفعهم لإعادة بناء ذاكرة بصيغة زائفة ويتخيلون أنهم كانوا مع سجناء لم يكونوا معهم.

بعضهم يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، وعدم التعامل معهم من متخصصين نفسيين يسهم في ملء مجموعة من الفجوات بذاكرتهم، بما يضعف من قيمتها لاحقًا، عبر عدة تقنيات منها (الإيحاء النفسي) باعتبار أنَّ ما يقوله السجين مرغوب به، كيف وقد خضعوا لقمع شديد جعلهم يحرصون على رغبة من يقابلهم بعد سنوات وهم تحت رغبة السجانين، لذلك ينبغي عرضهم على متخصصين نفسيين، لا الارتجال في الأسئلة وطرق التعامل.