لا يريد أن يكون صاحب الحِمل
لا تزال النقاشات خصوصًا بين التيارات الإسلامية طفولية، يخشى الواحد منهم أن يحمل كل شيء لوحده، بعقلية (دفع الشبهة) إن قالوا هذا فألزمهم بذاك، لا الحرص على الفهم، من قال بأنَّ التجارب السابقة القومية، يسارية، وطنية رائعة ووردية، وأنَّ أي نقد للإسلاميين يعني أنَّ تجارب غيرهم كاملة؟ التيارات الإسلامية تتجاهل أنَّها وريثة أصلًا للعديد من أخطاء التيارات السابقة، زيادة على ما عندهم من منافرة للفكر السياسي وأنَّها مشبعة بتكرار الخطابات السَّابقة، بمعنى أنَّ العقدة التي تقول تكلم في غيرنا قبل أن تتحدث فينا هذه عقلية مناكفة صبيانية، جزء مما ساهم أصلًا في قوة التيارات الإسلامية أخطاء التيارات السابقة عليها.
وتخصيص الإسلاميين ليس لأنَّ غيرهم يساويهم في الوجود وبالتالي فنقدهم يعزز من غيرهم، إنما لأنهم انفردوا بالساحة فقد اعتبروا المنتصر في الشارع من السبعينات وما بعدها، هم من تحكموا بالجامعات، هم من شكلوا المخيلة السياسية لأجيال، هم من أقاموا تحالفاتهم مع دول منافرة للناصرية، هم من أطلقهم السادات وقضى على خصومهم، هم من أقاموا ثورة في إيران هي اليوم دولة فاعلة في المنطقة، هم من شكل مختلف التجارب لأجيال الثمانينات والتسعينات، وافتتحوا القرن العشرين، أمام هذه التجربة يضحي من المهازل الحديث عن أخطاء عبد الناصر فقط كأنهم لم يكرروا خطاباته وتجربته في كثير من الأحيان على صورة مصغرة وأشد كارثية، فبقاؤك في تقييم تجربة الحزب الشيوعي في العراق أيام بدر شاكر السياب ما اسمه هذا؟ الأجيال التي نتحدث عنها لمن قرأت؟ أليس المثقف فيهم مشبع بكل ما أنتجه الإسلاميون؟ ليس محترفًا في الماركسية، ولا يعد منظرًا ليبراليًا! ومن هو كذلك هو من القلة لا السواد الأعظم، ولا يرتضي أكثر الإسلاميين أن يُحسب عليهم.