في نقاش قديم بين القرضاوي ومحمد حسنين هيكل، كان هيكل قد قال بأنَّ التيارات الإسلامية لا تصلح إلا أن تكون عناصر مقاتلة، لا تملك أي فلسفة للحكم، فرد عليه القرضاوي في كتابه (الإخوان المسلمون سبعون عامًا من الدعوة والتربية) وكان كلامًا إنشائيًا عامًا مليئًا بالشتائم لتجارب غير الإسلاميين، ونثر المدائح في الإسلاميين، وبقي السؤال في هذا قائمًا، ويتعزز اليوم بصورة أكبر من قبل، تلك التيارات سيطرت عليها الشعارات العامة التي أنتجت في القرن العشرين لا تريد أن تفكّر ولا تأخذ ولا تعطي لأن (الاستعلاء وفق مصطلح سيد قطب) يمنع عليهم أن يعترفوا بفقدانهم لأي فلسفة في الحكم، تلك التيارات انتشرت وأقامت شعبيتها لا لوجود تصور سياسي جامع، بل لكونها استعدت لضم أبعد العناصر عن العقل السياسي بل وفي أفكارها ما هو منافر تمامًا للسياسة بحجة مهاجمة خصومها فقط، عقلية القبيلة الواسعة، ولا يمكنك أن تفكر كمنظر للثورة الفرنسية بثقافة تعتمد على (معالم في الطريق) ، ومتى صار الخطاب يتحدث بلغة لا يوجد فيها أي تدرج ملاحظ في تطور التصورات السياسية، حينها لا تكون المخرجات لنضج التجربة فيهم، أو التعلم من الأخطاء، بل لوجود دولة راعية تقول قولوا هذا ولا تقولوا ذاك.