الخشبية

بايع المختار بن أبي عبيد الثقفي (67هـ) عبد الله بن الزبير في مكة، وتلطف له حتى يجعله واليًا على الكوفة معقل الشِّيعة في زمنه، وفيها ادعى بأنَّ أخا الحسين بن عليّ وهو محمد بن الحنفية ممن كان يقيم عند ابن الزبير قد وكَّل إليه بأن يأخذ بثأر الحسين! فرفع شعار (يا لثارات الحسين) وخاض حملة شرسة تتبع فيها قتلة الحسين بن عليّ، وهو ما صنع شعبيته بين شيعة العراق، فتحلَّقوا حوله، وأخذتهم الحماسة والحمية، حتى خرج كثير منهم معه بالعصي والخشب، فأُطلق على أتباعه (الخشبية)، وخاض المختار بهؤلاء حربه فتتبع قتلة الحسين من جهة، وقاتل بهم ضد مصعب بن الزبير من جهة أخرى، فاستنزف قواته وقوات ابن الزبير حتى هزم، هذا القتال بين الجبهتين أضعهفما، وفتح ثغرة ليتحرك عبد الملك بن مروان، الذي سيطر على العراق لا الكوفة فحسب، وأسقط حكم ابن الزبير، وسجَّل التاريخ انتقاد محمد بن الحنفية لذلك الاندفاع الخشبي، فقال: “لو كانت أم أحدهم التي ولدته لأغرى بها حتى تُقتَل”! وتمتم العديدُ من الكوفيين الذين شاهدوا ما حلَّ بهم من خروج العصي ذاك، فقال الشعبي (106هـ): “نظرت في هذه الأهواء وكلّمتُ أهلها، فلم أر قومًا أقل عقولًا من الخشبية”، وقال عمرو بن مرة (116هـ): “نظرت في أمر هؤلاء الخشبية فإذا هم شرُّ قوم”.