كثير من الناس يعتقدون أنَّ عندهم آراء، يظنون بها أنَّهم يقيِّمون الأمور بطريقة صحيحة، فيتمنون أمورًا وفق تصوراتهم، ويحذرون من أخرى، فلما يذيعون آراءهم يقول العاقل في نفسه ليته سكت!

لذلك فإنَّ أعظم عبادة هي الدعاء، فيها يناجي العبد خالقه، هناك يعبر عن رجائه وخشيته المبنية على آرائه في مختلف المجالات، سياسية، اجتماعية، اقتصادية، أي عظمة أكبر من أن يختفي هؤلاء عن إذاعة كلماتهم علنًا ويسرون بها، فتضحي خاصة بينهم وبين الرَّب!

وفي زمن وسائل التواصل نستطيع تقدير أهمية الدعاء بعيدًا عن الأنظار، في السجود مثلًا، ماذا لو تحولت آلاف المنشورات التي يتبجَّح بها أصحابها وهي تحتاج إلى “محو أمية” لتصحيح منطلقاتهم، إلى حديث تعبدي خاص؟ بدل نشرها كل حين على الخلق، الرب هو خالقك يسمع دعاءك، يختلف الأمر عن العباد!

حبذا لو كانت تلك الآراء موزعة في الأدعية الخاصة، بدل اعتقاد أنها أفكارٌ نيرة ينبغي على المخلوقين سواه الإصغاء إليها، أي سكينة تنزل لو كان كل ذلك في دعاء خاص إن لم يستجب له الله قال لعلَّ ذلك خير لي، لأنك لو ناقشته فيما يقول أقام الدنيا ولم يقعدها، فليبقها في دعائه، فإنَّ الله يسمعه، والعبد يضيق حرجًا من كثرة ما يقال.