من ليس لديه معيار للفشل لا معيار لديه للنجاح، فمن يعرِّف (النَّصر) بأنَّه الثبات على المبدأ مثلًا ما اشتمَّ رائحة السِّياسة بأنفه، فيمكن على طريقته اعتبار ألمانيا انتصرت كون النظام السِّياسي حينها انتحر ولم يسلِّم، ولا وافق على التسليم بالواقع الجديد، وهكذا في كلِّ معركة لم يسلِّم فيها طرف، هؤلاء حسموا أمرهم مبكرًا سلفًا قبلَ أيِّ شاهد أو نتيجة، بأنَّ كلَّ من يؤيدونه منصور، وبالتالي فما يقولونه خارج البحث السِّياسي.

كمن يقول بأنَّ كل تاجر رابح ما التزم المبدأ، فالجميع يعلم أنه قد يخسر أمواله، وهذا معيار الفشل التجاري، لكنَّهم يغالطون في الكلمة فيقولون قصدنا الرِّبح الآخروي، وعلى هذا كان يمكنه أن يربح آخرويًا دون أن يكون تاجرًا أصلًا، من يحمل هذا المنطق عليه أن يعمل لآخرته، فقط، لأنه لا يعيش مع الناس في الدنيا بادعائه، يعيش ولا يعنيه ربح ولا تجارة ولا رقم ولا إنجاز، هؤلاء ما ظلمهم من قال لهم لا شأنَ لكم بالسِّياسة.