بين المراهقة والانسلاخ!

في الأحداث الكبرى، في مختلف الأمم والشعوب يجب أن يكون النقاش متجاوزًا للأبجديات، لكن ينبغي تسجيل بعض النقاط في هذا الشأن:

1-الولاء لقضايانا يفترض أن يكون بديهيًا معلومًا وليس نظريًا وليس هو محل استعراض في الأحداث، وقد كان يمكنك زرعه قبلها، فهذه أبجديات في كل عاقل.

2-من انسلخ عن هذه الأمة فليس منها، والرائد لا يكذب أهله، وهو يبحث معهم لما فيه أصلح.

3-لا يوجد في السياسة كلمة مرة واحدة وإلى الأبد، فلا خلاف حول التأصيل الكلي في الحاجة لحلول جذرية وتلك تسمى أهدافًا بعيدة، لكن حين تتعذر الحلول الجذرية يتم البحث في حلول جزئية، وليس في هذا أدنى تنكر للفكرة الأساسية، إنما هو تبع ورصد للموازين.

4-في كل حدث يمكن أن يكون في مرحلة تقدم، ويمكن أن يكون في مرحلة جزر، ومن لم يستطع التمييز بين الاثنين، ومراعاة الظرفين فإنما يعاني من مراهقة سياسية، الطبيب الذي يقوم بعمل جراحي، لا يركز في هدفه فحسب وينسى نزيفًا قد جد، بل يلتفت للمتغيرات.

5-لا مكان في القضايا العامة للشعارات الفردية، فالمسائل العامة تحتاج إلى موازين، وهي ما لا يغيره ما يطلق عليه (بيع مراجل) من عينة لو كنا لو فعلنا لو أن الجميع اتحد، وهناك مثل يصنف حالة الأماني هذه بـ(زرعنا لو، أثمرت يا ليت).

6-التقييم السياسي ليس مرة، إنما يجب إخضاع الموقف كل حين إلى إعادة تقييم ودراسة ما الذي يحققه في كل مرة، ومن لا يزال يعاني من (مراهقته) بعيدًا عن نظر عام يشمل الآخرين، يسهل عليه أن يوضح لك بأنه هو من ينصر ويقدم وحبذا لو كان هذا، لكنَّه حين نحاكمه للجانب العملي يكون كل ما يقوله مجرد تجميل لموقفه ووضعه، دعوة لنفسه لا نصرة لموقف، فلا أحد تقدَّم بجحافله وطالبه غيره بإرجاعهم، إنما الحديث عن وضع قائم في ظل ما هو موجود، لا ما هو مأمول.