بين الولاء والغباء

عدم التفريق بين الحالين كارثي، على مختلف الأصعدة، الولاء للأمة يعني بنظر بعض (الدراويش) أنه كلما مرَّ بك تحليل مخالف أن تتمتم مستعيذًا بالله منه وتشيح بنظرك عنه، وأن تصفق لكل من يتحدث عن (ترنُّح) الخصوم، ومهما يكن لك من رأي ابلعه خيرًا لك!

لاحقًا بعد عشر سنوات سيخرج الناقد البصير منهم ويقول: اجتهدنا وأخطأنا، المهم أن يضمن لنفسه مرتبة الاجتهاد، هي الحالة نفسها التي لا مكان فيها لخطأ بشري فإما أن يكون كلامه واضح الإصابة فتفاخر به، وإلا فالسكوت أسلم كون كلامه غامضًا هو أدرى بما فيه.

الولاء الذي يجعل الناس تحتفل بما تظنه وقت غلَبة، فإذا خيّبهم الواقع حوقلوا، وأعلنوا متابعة شأن آخر كأنَّ الولاء يختلف ما بين أتراح وأفراح، كأنَّ الولاء لا يكون إلا في الظهور لا المسؤولية في الضُّمور، قديمًا كتب محمد جابر الأنصاري في (العرب والسياسة أين الخلل؟) راصدًا أنَّ الحالة العربية في السياسة أشبه بالفورة السريعة لا المشاريع الطويلة، هي قريبة من (تريند) لا (المشروع).

تضحي القسمة (ولاء وخيانة) لا وجود (لأخطاء استراتيجية) لا وجود لإدارة بشرية بل تسمع شيئًا جبريًا عن (الإدارة الإلهية)، إنَّ نصف السياسة يتعلَّمها المرء من عدوِّه، حينما تجد أنَّ الآلة السياسية المرنة هي التي استطاعت حشد الذكاء في مشاريع، مهما اختلفت في التقييم والآراء، لكن حين يجعل الولاء مرادفًا للغباء قل لي: ما الذي سيتحشَّد لديك؟