أفغانستان!
منذ الثمانينات تم تحويل أفغانستان إلى مضرب مثل يقوله كل من لم يقرأ مذكرات سياسي واحد، وتم اختزال الأمر بطريقة ساذجة عن تحطيم الاتحاد السوفيتي، كان القرار الأمريكي والبريطاني في الحرب السوفيتية قد صدر لمنح السوفيت (فيتنام) الخاصة بهم قبل دخول القوات السوفيتية إلى أفغانستان، وتم تشكيل الوحدات المدعومة قبل ٥ شهور من دخول السوفييت.
بعض قادة الفصائل الأفغانية استقبلوا في البيت الأبيض والتقوا بالرئيس ريغان، وعانى السوفييت من حصار عالمي شمل أوروبا وأمريكا والدول الحليفة، ومع كل ذلك حين خرج السوفييت سنة ١٩٨٩ من أفغانستان أبقوا نظامًا مستقرا بقي بعدهم ٤ سنوات في كابول، وكانت أزمات الاتحاد السوفيتي هائلة بعيدًا عن أفغانستان مثل تسرب مفاعل تشرنوبل في ١٩٨٦ الذي استهلك إطفاؤه بعض مواد الاتحاد السوفيتي قاطبة!
نأتي للحرب على أفغانستان في ٢٠٠١، كانت طالبان في الحكم، ولم يتم إعلامها بأي هجمات على الولايات المتحدة، وطلبت منهم أمريكا تسليم المطلوبين العرب المقيمين عندها، رفضت ذلك، وفجرت أصنام بوذا (اليوم طالبان تضمن زيارة الموقع للسياح)، وبدأت الحرب على طالبان، ورغم التغطية الحماسية على قناة الجزيرة، إلا أنَّ النظام سقط وسمى ما حدث وقتها أبو مصعب السوري (أصحاب الأخدود) ومنعوا أي تقييم لهجمات ١١ سبتمبر على العلن وفق نظرة (لا صوت فوق صوت المعركة).
بعدها كتب (سيد إمام) وقد كان في أفغانستان سابقًا، رسالة بأنَّ من قام بذلك العمل حطم (إمارة) كانت قائمة وجر كارثة كبرى على المسلمين لم تتوقف في أفغانستان شملت التبرعات والتجمعات والتحويلات إلخ، على أي حال أفغانستان دولة ذات مساحة هائلة يقطنها ٥٠ مليون إنسان، تحدها ٧ دول بحدود غير منضبطة، كونهم أكبر عرق من البشتون (المكون القبلي لحركة طالبان).
وخاضت طالبان حرب عصابات طويلة والتي من بديهياتها عدم الدخول في صدام مباشر مع القوات النظامية، حتى لا تُحاصَر في مدينة، فلم يحدث أن انتصرت قوات عصابية محاصَرة في بقعة معينة على قوات نظامية مهاجمة، لكنها لعبت على عامل المساحة الشاسعة، وحدثت أزمات عالمية كبرى، مثل تصاعد الصدام الاقتصادي مع الصين وقد تحولت الولايات المتحدة إلى نصير متحمس لقضية الإيغور الذين يقطنون في إقليم صناعي، والصين دولة حدودية مع أفغانستان، وتصاعد الخلاف مع روسيا التي كانت تتدخل في أوكرانيا.
وجود قوات أمريكية في أفغانستان فتح احتمال أن تعاد الكرة لدعم الروس والصينيين لاستهدافها، فكانت الولايات المتحدة تريد الانسحاب، ثم وقعت طالبان اتفاقًا في الدوحة ٢٠٢٠، والذي يضمن ألا تتحول أفغانستان لقاعدة تهديد لمصالح الولايات المتحدة، وهو ما حصل، فلم تعد منطقة تأوي مطلوبين يهددون الولايات المتحدة، وقاتلت طالبان تنظيمات تصنف على أنها (إرهابية)، ثم عادت إلى حال أسوأ من ٢٠٠١.
سواء في التمثيل الدبلوماسي، أو الحالة الاقتصادية، رجعت إلى ما قبل ٢٠٠١ بكوارث أكبر، وتتعاون اليوم مع روسيا والصين في مجال مكافحة الإرهاب، وتنفي كل التقارير الدولية المتنوعة سواء الحقوقية أو الاقتصادية المتعلقة بطريقة حكمها، وتقول بأنَّ الأمور جيدة وتحت السيطرة، هذه هي الحالة في أفغانستان.