القرن العشرين الذي صاغ أفكار المنطقة العربية في مجمله أدبي، كان العصر الذهبي للأدب والأدباء، الكواكبي جعل الفكر السياسي يصاغ بالأدب، طه حسين جعل التعامل مع الحداثة بالأدب، سيد قطب جعل العلاقة بالتراث والسياسة بالأدب، العقاد جعل التراجم أدبية، سواء للشخصيات أو الأفكار، محمود شاكر واجه المستشرقين بالأدب، تنفس الناس أدبًا حتى لم يعد للمعايير الصارمة موقعًا، يمكنك أن تجمِّل كل مأساة بعبارة أدبية: (رحلة الدم الذي هزم السيف)، يمكنك بجملة واحدة أن ترمي بها ولا تدرك أبعادها أن تقول: (لا يفتي قاعد لمجاهد) رغم أنها صيغة أدبية تؤسس لحكم العسكر، وعزل الحكام المدنيين، بمن فيهم متخصصو السياسة، عبارة أدبية يمكنها أن تحل مكان كل كتب الفكر السياسي، ولذا فإنَّ التفكير العلمي الصارم هو وحده الذي يمكنه أن يجعل للأدب موضعه، وللعلم موضعًا، أغلب الشعارات التي تطلق هي مجرد اقتيات على مرحلة طفرة الأدب في القرن العشرين، حين تنتصر القوافي على الأرقام، ويوفر البحث في الكلمات، عناء البحث الجاد الطويل في المشاريع.