ملاحظات على محورية التاريخ.

١-التاريخ هو السبيل الذي أوصلنا إلى اليوم، من ينقطع عنه، لا يفسر كيف يقف اليوم في موقعه، التاريخ هو ما يحوي الهويات الدينية، والقومية، هو المحتفظ بالصِّراع، والوفاق.

٢-من يظن أنَّ الخلافات بين الطوائف الإسلامية يمكن أن تحسمها المناظرات واهم، فكل الفرق لها تاريخ، وتاريخها هو مرافعة عنها، مناظرة ومجادلة، وحتى لو تم تعديل الحجج الكلامية، والاستعانة بحجج محدثة فلن يغير هذا من التاريخ شيئًا.

٣-فرجع الأمر إلى أنَّ التاريخ هو المحك، إذ إنَّ كل فئة تدَّعي لنفسها تاريخًا رسميًا ضاربًا في القدم وخصومها محدثون [مبتدعة]، والمسألة تكمن في البرهنة على ادعاءاتها التاريخية، أو تفنيدها، ولذا فإنَّ العمل الحقيقي الذي يمكن أن يخدم الأجيال المقبلة يكمن في تحقيق المقالات تاريخيًا.

٤-لا يكمن البحث التاريخي في تسطيح البحث بالرجوع إلى كتب المقالات، فهي بنفسها تحتاج إلى تحقق وتدقيق، بل يشمل كل ما اصطلح عليه بالعلوم الإسلامية، مثل تاريخ علم الحديث، القراءات، الفقه وأصوله، التدوين، ومعايير التصحيح والتضعيف، فهذه هي الخلفية التي يُكتب على أساسها التاريخ، فلا بد من دراستها والتنبه لنشأتها ومعاييرها وسيرها في التاريخ فهي جزء مما يجب فحصه.

٥-وكما قيل: (العلم حجاب) فلا شيء في البحث التاريخي يعتبر مسَلَّمة سلفًا، بل كل ما اعتبر علمًا نشأ في مرحلة ما، فهو قابل للبحث ودراسة تاريخه، وفحص ادعاءات أهله، هل تسعفها الوقائع والأدلة أو لا؟ وما النماذج التي اندثرت لصالح تلك التي بقيت ولماذا؟

٦-هذه الطريقة وعرة، لذا تجنَّبها مؤرخو الطوائف حتى الآن، وسعوا للكتابة وفق سردية وقالب محدد سلفًا، على أنَّه الذي ينبغي أن يفحص في إطار الدراسة التاريخية، وليست القضية في مخاطبة رأي عام لفئة أو طائفة، بل أن تنشد الحقيقة فقط لا غير.