(ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيدٍ يبطشون بها)

هذه الحجة القرآنية في بيان عبث مخاطبة الأصنام لتحقيق مطلب، فهي لا تفعل أيَّ شيء، لكنَّ أصنامًا بشرية تحب أن تخاطَب رغم تحقق هذا الوصف فيها، بل ترى أنفسها بعين قوية أهلًا لأن تخاطَب، بل تعيب من لم يشنِّف أسماعها بما ترغب فيه، في شؤون ليس لهم فيها رجلٌ ولا يدٌ، وقد روي في رسالة لعمر بن الخطاب: “لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له”.

أولئك الذين يرون في الحالة تجميلًا لموقفهم، تزكية لأنفسهم، غنمٌ بلا غرم، موضوع تعبير وإنشاء، تحشيد المتابعين ليعرض على مسامعهم قدرته الفنية بقصيدة أشجان، وخطابًا متصنّعًا قد يثمر ضغطة إعجاب، وهم الذين لا تنقصهم معلومة، وقد ضجّت بها القنوات الإعلامية في واقع الطفرة الإلكترونية، لكنهم يريدون المزيد والمزيد من الكلام، كالنار لا تشبع، ليتحول كل شيء إلى (ظاهرة صوتية).

انتهازيون حتى النخاع سمعوا المناشدات مرات، لكنها ما أن تلفح جانبهم حتى يقولوا: (اللهم حوالينا ولا علينا)، (واللهم اجبر عجزنا) فما دام العجز قد ضرب أضرابه، فلم الثرثرة بلا داعٍ؟ فهوّنوا على أنفسكم ولا تفتحوا بابًا قد أغلق دونكم، وابقوا على ما أنتم فيه، لا ينافسكم فيه منافس، بلا تصنّع مشاركة فيما أنتم عنه معزولون، ورحم الله من قال: (خُلقَ الحزمُ أبكما).