المليشيا تتحذلق!

العقل الفوضوي، البعيد عن العلمية والذي لم يخض غمار البحث المعرفي مرة واحدة، لا يتوقع منه إلا إنتاج الفوضى على الصعيد النظري، ومليشيا إلكترونية في السلوك العملي، فهذا حجمه الطبيعي وسقف آماله، مثل نصرته الإجماع على كفر الجهمية وتركه كلام المتأخرين في المسألة، كمن حمل كلام أحمد فيمن قال القرآن مخلوق، على الكفر الأصغر، ثم لما يأتي إلى أصل ذلك القديم في عدم قبول الرواية عن كافر عند من يسميهم (السلف) يتركهم وينزل إلى أشعرية متأخرين من القرن الثامن ونحوه ممن يصنفهم جهمية، وهكذا يصبح (الجهمية) محل اعتبار عنده في الإجماع، وهكذا يكون التحقيق.

هو السلوك نفسه الذي جعله يتحدث عن تاريخ الاتحاد السوفيتي وقال بأن ستالين صار فاشيًا لأنه قرأ نيتشه، ووجدها ثقيلة عليه أن يقول هو يتحدث في غير الدين بغير علم، كحاله في الدين، ودفع بأحد العوام ليرد، فقال العامي: ستالين كان متحالفًا مع الفاشيين، ومصدره ويكبيديا الروسية هكذا! وهو يقصد حلف ألمانيا والاتحاد السوفيتي في دخول بولندا في الحرب العالمية الثانية فما دخل العلاقات مع ألمانيا النازية التي شملت دولًا عديدة بوصف ستالين بالفاشية؟

والأطرف أنه يظن بأن الفاشية هي القومية! على أنها التيار اليميني الأكثر تطرفًا وليس مجرد قومية، ألمانيا النازية مثلًا كانت ترى التفوق البيولوجي للألمان، وهذا بعيد تمامًا عن ستالين أصلًا، وذكر عددًا من جرائم ستالين، فما علاقة هذا بصفة أيدلوجية تنحصر بالفاشية، والأطرف أنَّ ذلك العامي كأنه يلتقط قوّة الحجج من شيخه! فقال: إنه روسي، كأنه يفترض بالسامع أن يخاله نائبًا لجوكوف، فستالين جورجي إذن!

كيفما كان نحن نتحدث عن ظاهرة فوضوية يهمها الانتصار لنفسها، والتشبع بما لم تعط، والحديث في قضايا هي عامية فيها وليت شعري أي مسألة لهم ارتقوا فيها عن مستوى العامية، وبدل أن يتعلموا، يحسبون أنَّهم بالتشغيب يجادلون ويناظرون.