في التدريس، ألف باء مقالة الهروي (٢)
وابن عربي ما إن يبدأ التمهيد لتوحيد الخاصة، حتى يقول “الرسل أعلم الناس بالله لكنهم تنزلوا في الخطاب على قدر أفهام الناس لا على ما هو عليه في نفسه، فإنه محال” [١٠]
وهو المعنى الذي كان يدور الهروي في فلكه جاعلا “توحيد العامة يصح بالشواهد التي هي الرسالة” [١١] وهي ما أتى على لسان الرسل بالسمع، وما إن يبدأ الحديث عن توحيد الخاصة، يعرفه بأنه “الصعود عن التعلق بالشواهد” [١٢] تلك الشواهد التي وسمها عند الحديث عن توحيد العامة قبل سطر بالرسالة.
وما إن يبلغ الهروي توحيد خاصة الخاصة، وهو الثالث، يقول “وأما التوحيد الثالث فهو توحيد اختصه الحق لنفسه واستحقه بقدره وألاح منه لائحا إلى أسرار طائفة من صفوته وأخرسهم عن نعته وأعجزهم عن بثه، والذي يشار به عليه على ألسن المشيرين أنه: إسقاط الحدث وإثبات القدم” [١٣]
وهي العبارة التي ستتكرر مع ابن الفارض الحلولي(٥٧٦ه) في قوله أن التوحيد “إسقاط الحدث وإثبات القدم” [١٤] وعند تناول ابن تيمية للهروي، ضبطه في مساره المتسق، مع ما اجتمع له من كلام غيره من شيوخ الفناء والحلول، فعلق على قوله:
“وقوله: والذي يشار إليه على ألسن المشيرين أنه إسقاط الحدث، وإثبات القدم. فيقال: مرادهم بهذا نفي المحدث، أي: ليس هنا إلا القديم، وهذا على وجهين. فإن أريد به نفي المحدث بالكلية، وأن العبد هو القديم، فهذا شر من قول النصارى، إلا أنه قريب إلى قول اليعقوبية من النصارى … وأبو إسماعيل يشير إلى ما يختص به بعض الناس ولهذا قال: ألاح منه لائحا إلى أسرار طائفة من صفوته” [١٥]
وعند قول الهروي: “توحيده إياه توحيده” [١٦] مريدا أن العبد من أهل الصفوة متوحّد مع الإله، قال ابن تيمية: “والنصارى مع كثرتهم يقولون: إن المسيح هو الله. وفي المنتسبين إلى القبلة خلق كثير يقولون ذلك في كثير من المشايخ وأهل البيت، حتى إن كثيرا من أكابر شيوخ المعرفة والتصوف يجعلون هذا نهاية التحقيق والتوحيد، وهو أن يكون الموحِّدُ هو الموحَّدُ” [١٧]
[١] منازل السائرين، الهروي، ص١٣٩. [٢] منازل السائرين، الهروي، ص١٣٦. [٣] رسالة أضحوية في أمر المعاد، أبو علي ابن سينا، ضبطها وحققها سليمان دنيا، الطبعة الأولى ١٣٦٧ه–١٩٤٩م، ص٥٠. [٤] اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، نقل من الفتوحات المكية لابن عربي: أبو المواهب الشعراني، ج١، ص١٥٠. [٥] اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، نقل من الفتوحات المكية لابن عربي: أبو المواهب الشعراني، ج١، ص١٥٠. [٦] اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، نقل من الفتوحات المكية لابن عربي: أبو المواهب الشعراني، ج١، ص١٥٠. [٧] اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، نقل من الفتوحات المكية لابن عربي: أبو المواهب الشعراني، ج١، ص١٤٤. [٨] اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، نقل من الفتوحات المكية لابن عربي: أبو المواهب الشعراني، ج١، ص١٥٥. [٩] اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، نقل من الفتوحات المكية لابن عربي: أبو المواهب الشعراني، ج١، ص١٤٢. [١٠] اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، نقل من الفتوحات المكية لابن عربي: أبو المواهب الشعراني، ج١، ص١٤٤. [١١] منازل السائرين للهروي، ص١٣٦ [١٢] منازل السائرين للهروي، ص١٣٧. [١٣] منازل السائرين للهروي، ص١٣٧. [١٤] كشف الوجوه الغر لمعاني نظم الدر - شرح تائية ابن الفارض، أحمد فريد المزيدي، ٢٠٠٥، ص٣٥. [١٥] منهاج السنة، ج5، 383. [١٦] منازل السائرين للهروي، ص١٣٧. [١٧] الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية، ج٣، ص٣٢٥.