مختلف فيه!
ليظهر أيُّ مستوى في تصور المسائل يجري الحديث عنه، حين يضحي كل هم الخليفي أن ينقذ موقفه، دون اهتمام بالحقيقة نفسها، فيحتج بأي قول في انتقائية لينصر قوله، يلعب على وتر الخلاف في قراءة الهروي بين ابن تيمية وابن القيم، على أنَّ البحث العلمي لا يتبع أقوال المختلفين، فالخلاف نشأ بعد الأدلة، ولذا كان ابن تيمية يقول بأن الاختلاف لا يحتج به، إنما يحتج بالإجماع، فينبغي أن يرجع إلى نصوص الهروي نفسه، ويشرحها، حتى يرى الصواب مع أي قائل في قراءته للهروي، لكنَّه بعيد عن هذا بل لا يمتلك أدواته، فيصير الكلام ابن القيم نفى، وابن تيمية أثبت!
لنأخذ مسألة أخرى اختلف فيه قول ابن تيمية، عن تلميذه ابن القيم، ماذا قال ابن تيمية في أفلاطون الفيلسوف الشهير؟ قال ابن تيمية: “حكماء اليونان كانوا مشركين”. في حين قال ابن القيم: “أفلاطون كان معروفًا بالتوحيد”. فها هو أفلاطون مختلف فيه بينهما؟ فكيف تبحث المسائل؟ تراجع نصوصه نفسها حتى تعرف كلامه في الموضوع، وأفلاطون كان يعبّر أحيانًا بلفظ الإله، وأحيانًا بلفظ الآلهة، فعلم صواب ما قاله ابن تيمية في هذا، فلم يعد مهمًا هذا الخلاف أمام الأدلة نفسها في المسألة.