مسألة الكافر المتأول.

جيد أنَّ بعض الطرق على الشاملة يخرج لبعض الناس مصطلحات لا يعونها، ومنها مسألة الكافر المتأول، في كتب الفقه، الناس ينقسمون بحكم الظاهر إما مسلم له أحكام المسلمين، وإما كافر في الظاهر له أحكام الكفار، لا وسط بينهما، فهذا الكافر المتأول، من هو؟ هو إما ملتحق بحكم المسلمين [في الظاهر] لكنّه في الباطن كافر، مثاله: رجل رأى رجلًا يعبد صنمًا في خلوة، بلا إكراه، ولا غياب عقل، ولا احتمال، فكان عنده مشركًا خارجًا عن الإسلام، لكن لا يجد معه شاهدًا يثبته أمام الناس، ويجعله في حكم الكافر ظاهرًا فهذا الرجل يخفي غير الإسلام، وليس لديك دليل على كفره وإثباته على العلن، فله حكم الظاهر من أهل الإسلام ومنه حديث “حتى لا يقول الناس إنَّ محمدًا يقتل أصحابه”، أما الكافر المتأول في غير هذا فهذا يكون فيما ليس صريحًا في الظاهر بل يخرج ما هو عليه بما هو تأويل أمام القضاء، فلا يحكمون بردته، بل يجعلونه في حيّز أهل الإسلام.

وهناك مسألة فقهية: هل يقضي القاضي بعلمه؟ لا! فلا يقيم القاضي الحدود والأحكام الظاهرة بدون بينات، لكنّهم يضعون قيدًا ويقولون: لا يقضي القاضي كذلك بخلاف علمه، فيصبح شاهدًا عند قاض آخر، ولا يقضي بما علم بطلانه يقينًا، ولا يعين على باطل، فلا يحكم لرجل بأن فلانة زوجته متى علم أنه اتفق مع الشهود، وأنها لا تحل له، وعلى هذا فمن تعلّق بمثل هذا في الروايات، فهو جاهل، لأنه إن كان اطلع على ما يكفر به الراوي فلا يجوز له أن يقول بعدها هو ثقة في الحديث عن رسول الله، لا أصلًا ولا فرعًا، لا فيما انفرد به، ولا فيما وافق فيه الناس، فلا يقضي بخلاف علمه، ومثاله من أعطي حكم الإسلام من المنافقين في الظاهر، لا يقال فيه ثقة ممن علم من حالهم ما لم يثبت في الظاهر.

وإن لم يكن اطلع على هذا فهو في حكم الظاهر مسلم، وهل يكفي في الرواية الاكتفاء بالإسلام وأنه تعديل ظاهر، على قولين للناس، أما أن يشاغب مشاغب بهذه المسألة في هذا المقام، فهو سلوك من أراد التخريج لنفسه بأي شيء كان، وهكذا يبقى حال الرواة معضلة أمام هؤلاء الذين قعدوا قواعد مضطربة في التكفير أطلقوها بيسر، ثم لما اصدموا بها أمام الرواة، صاروا يخرجون تلاعبهم فيكون الراوي المتقدم ثقة، وهو في مقام الرواية الدينية، وإن كان فيه ما يجعلونه في معاصر محل تكفير عيني.