سمع الناس قديمًا عن منظمة تنشط في إسبانيا وفرنسا، تدعا منظمة (إيتا) التي تأسست أواخر الخمسينات، طالبت باستقلال إقليم الباسك، ومن خصوصيتها أنها في أوروبا، وهي آخر منظمة أوروبية أبقت على نظرتها في تحقيق مطالبها السِّياسية بغير الطرق السِّلمية، عايشت الأوروبيين ووجهت رسائلها إليهم، ومؤخرًا أجري لقاء مع أحد أهم قادتها التاريخيين عرف إعلاميًا باسم (يوسو ترنيرا) في لقاء بعنوان: (وجهًا لوجه مع منظمة إيتا الباسكية) وهو الذي أعلن حلَّ المنظمة في (٢٠١٨).

ظهر وهو لا يرفع صوته ويتعامل بلباقة، ولا يذكر أيَّ تفاصيل عسكرية بل اختصر الأمر بقوله: “إن شاركت في شيء فهو دفاع عن النفس”، ويعرف نفسه على أنه رجل عادي وظاهر أنه حريص على تجنّب أيِّ نبرة فيها تبجح، [رغم كل التقارير التي تشير إلى أنه زعيم أساسي ومؤسس للمنظمة]، وحينما سئل عن تصنيف إسبانيا لمنظمته على أنها إرهابية، قال: “ذكروا قصة تتضمن منتصرين ومهزومين، ووضعوني في خانة المهزومين” [يشير إلى تبعية هذا التصنيف إلى النتائج السِّياسية لا إلى معايير مبدئية].

وحين سئل عن وجه المقارنة بينه وبين استهداف لندن أو مدريد من منظمات [إسلامية] قال بأنه لا يرى منطقًا فيها، إذ إنَّ هؤلاء يعتبرون دافع الضرائب لحكومته مشاركًا بالقدر نفسه في أفعالها وسياساتها في اليمن، أو العراق، أو باكستان وهو أمر مرفوض، [المقدّم] ما هو الفرق إذن بين القتل في سبيل الإله أو الوطن؟ قال: لم يسمعني أحد لا أنت ولا غيرك أدافع عن القتل، ثم ذكر تعرّض شعب الباسك للقمع، وأنه ساد شعور عام بأنَّ كلَّ الوسائل متاحة لمجابهة القمع، ولم يكن ذلك رأيًا خاصًا بالمنظمة التي هو منها، مصرًا على أنه سعى للنشاط السِّياسي في المنظمة لا العسكري منها، ماذا عن تصنيفه لأعمال المنظمة في العنف هل يراها سلكت خطًا فاشيًا؟ قال: “لا، بل هو تابع لتحليل سياسي” [أي إنَّ ذلك لم يكن لموقف مبدئي، بل مصلحي فلم يكن العنف غاية في نفسه]

لقاء مهم، وتجربة تستحق الدراسة.