اجترار الفشل بمركز تكوين

عَرفت السَّاحة العربية الثقافية عددًا من النّخب العلمانية، صادق جلال العظم، فؤاد زكريا، عبد الرحمن بدوي، نجيب محمود وغيرهم، بمؤلفات وترجمات ومناقشات، رغم ذلك فشلت تجربتهم في صدِّ صعود الإسلاميين، أو تعطيل تأثيرهم، بل تأثر بالخطاب المتصاعد عدد منهم، ورغم ذلك يأتي أقوام لم يعطوا تفسيرًا لذلك الفشل ولم ينقدوا تلك التجربة وليس في مقدورهم ذلك، ليدفعوا بشخصيات لم تعرف ببحث رصين، ولا قدرات فكرية تقترب من ذلك الجيل إلى واجهة التصدُّر.

على أنَّ التيارات الإسلامية تعاملت مع هذه الشخصيات كلقمة سائغة، فإسلام بحيري مثلًا كان الطريق الأمثل السريع لكل من أحب الظهور الإعلامي بالحط عليه، لهشاشة ما يطرحه، حتى إنَّ وائل غنيم وجد فيه بغيته مع هوسه بالظهور الإعلامي، فوجده أفضل من مادة التصور مع الحشيش، وحلق الشعر والخروج عاريًا!

رغم ذلك يخرج هؤلاء بمركز يدعى تكوين في وقت أضحى فيه الخطاب الرَّسمي العربي لا يتحدث عن وعود الديموقراطية من الأساس، بل في ظرف حل الأحزاب، ومنع التجمعات، وإلغاء المجالس النيابية، ليقولوا للناس إنهم يدعمون قبول الآخر والتعددية، وهم يصفقون للوضع القائم سياسيًا، ويصفونه بالتنوير.

ويعزفون النغمة المعهودة بأنهم سيكونون صمام أمان للمجتمعات، والأنظمة السياسية رغم أنه قد عفى الزمن على هذه اللغة المستهلكة، حتى إنَّ مشايخ (إسلاميين) كانوا قد امتهنوها من قبل، عرفوا خفوت جاذبيتها، وشح الإغداق عليها.

ومع ذلك يبقى مركزًا تسويقيًا للمساهمين فيه، كتلك المراكز التي كان هدفها إقناع الداعمين لها في المجتمعات الغربية بوجودها وأنَّها تعقد ندوات ودورات في الديموقراطية، وحقوق الإنسان، والجندرة، ويكون القائمون عليها كل همهم أن يلتقطوا صورَ المشاركين في الندوة، ليستقبلوا الدعم المالي، فهي موجهة للداعمين بصورة أكبر من استهدافها للجمهور.