أيقونة الفداء السياسية

ملايين من الناس تأثروا بالقصة المسيحية الرسمية، بأنَّ المسيح أُخذ ظلمًا، رغم أنه أصلح الناس في زمنه، ثم عُلّق على خشبة لينزف ببطء! لم يساعده أحد، لكن انهمرت عليه صفات التمجيد عبر تاريخ طويل! فقيل: هو لاهوت في ناسوت، واحد من ثلاثة أقانيم، وزعموا أنه ابن الإله نفسه! وأنَّ كل هذا ليكفر عن البشر خطاياهم!

عقيدة الفداء ليست حكرًا على الجانب الديني، بل تمتد إلى السياسة، باستبدال القول بأنه يكفر الخطايا إلى ينوب عن الأمة! ولا يبخل أصحابها من إطلاق كل صفات البطولة والفداء على هذا المشهد، مع تلمس الحكمة في الجوع القاتل، والدماء النازفة، بأنَّه خير عظيم! ففيه فضح ازدواج المعايير العالمية! كأنَّ هذه المعلومة التافهة تحتاج إلى أكثر من ضربة على جوجل، أو مطالعة مقال، كأنَّ الفاشل الكسول الذي لم تكن عنده هذه المعلومة مقررة، يستحق أن يسقط آلاف لتعويض كسله.

وآخر يحوِّل القضايا السياسية الكبرى إلى مواعظ فردية خاصة، لقد كان يتأفف من ازدحام الطريق قديمًا لكنَّ أنباء احتراق الأحياء اليوم جعلته يمتنع عن هذه العادة، صار يستخف بشكواه اليومية أمام الكارثة الكبرى! أي تضخم للنفس هذا الذي يسعى لاستخلاص مثل هذه العبرة التافهة من الأحداث المهولة، بتحويل القضايا الجماعية إلى جانب فردي هزيل، من أنت حتى تجعل مظنة مواعظك الفردية مستنبطة من مأساة جماعية!