المهمة البحثية تتحول إلى قتال حقيقي للوصول إلى معرفة علمية بما دار في القرون الأولى، والنتائج هي ما سيحدد هويتنا، ومبحث الهوية أساس صلب لكل ما تفرع عنه ومن ذلك التصور العقدي والفكر السياسي، فإن كان لأوروبا امتداد لهويتها إلى مقالات الإغريق وتصوراتهم، فإنَّ البحث في القرون الأولى من تاريخ الإسلام هي ما سيحدد الهوية في الحالة العربية الإسلامية، هذا يفترق إلى درجة كبيرة عن حالة القومية العربية السابقة، فهي قد بدأت بمعاكسة القومية التركية المؤسسة على محاكاة للحالة أوروبية، لأهداف سياسية، فلم تقم على دراسة فاحصة لتراثنا القديم لتعرف ما تعتمد عليه منه، فتم إضفاء طابع البطولة والعروبة على أكبر قدر من جزئياته، حتى ولو لم تكن صحيحة بل مناقضة للواقع، لقد تم شحنه أيدلوجيًا باختصار، لا دراسته وفهمه، لمعرفة المنحنيات التي شكلت العقلية الإسلامية اللاحقة، ودون الدراسة التفصيلية العلمية لن نتمكن من الوقوف على عناصر القوة والضعف في المرحلة الأولى، تلك التي تمتد كثير من آثارها فتستمر في التحكم في عقلية العرب والمسلمين حتى الآن.