يمكن أن يجرى حوارٌ في أي وقت لكن ليس مع قوم محدودي الأفق، من عيّنة أولئك الذين تجد الواحد منهم يحبس نفسه سنوات دون أدنى تطور في مستواه المعرفي والبحثي، وبعد جهد يظن أنه أنتج شيئًا، ولا يخرج إلا بتسويد أوراق وصفحات دون قيمة مضافة.
فمن بديهيات البحث أنه لا شيء اسمه نسخ كامل، هناك تعرّض لمسائل، والمسائل العقلية معنوية فالمهم هو معنى المسألة، فمتى نقلت نصًا في مسألة من موضع لا يلزم أن تنقل نفس المضمون في موضع آخر، مثلًا حين تكون تعرّضت لمبحث بداية علوم أولية في الإنسان؟ معنى الأولي، مكان المعرفة والمقصود بكلمة قلب عند ابن تيمية مثلًا، فأي نص تذكره من كتبه سيكون جوابه بنفس الموضوع المذكور عند النص الآخر.
قديمًا فعلها ابن تيمية فخرج له السبكي وقال: “وضح كذبه في هذا النقل، فإنَّ المنقول… خلاف هذا الذي نسبه إليه ابن تيمية” [1] فرد ابن تيمية: “المذاهب إنما تنقل بالمعنى، وحديث الرسول يجوز نقله بالمعنى عند الجماهير، وأما مذاهب العلماء فما زال العلماء ينقلونها بالمعنى، وما علمت طائفة معتبرة نازعت في هذا” [2]، فانظر تعنّت السبكي الحرفي في النقل، إلى النقاش المعنوي الذي حام حوله ابن تيمية.
على أي حال، هذا شيء، وما نحن فيه شيء آخر! وذلك حين يظن محدود الأفق، أنّ مسألة معنوية بحثت، ولم يستطع من هو أكبر منه أن يدفع فيها بشيء، أنه سيشارك في نقاشها بنسخ نص يقدر عليه الجميع من موضع آخر وهو نفس المسألة دون زيادة أو نقص في المعنى، ويقول: نعم أنت بحثت المسألة، لكن لم تذكر هذا النص بعينه، ماذا يقال لهذا؟ كيف الطقس عندكم؟ عساك طيب، الحرارة السنة كانت مرتفعة لكن نتمنى يكون الوضع أفضل في الأيام القادمة🌹
[1] نقد الإجماع والافتراق في مسائل الأيمان والطلاق، السبكي، ص15. [2] الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق، ج2، ص397.