آخر ما نحتاجه هو الفلسفة!

في التاريخ الإسلامي، مقالات هرائية، مقالة لو قالها لك مباشرة ستستخف به رأسًا، واحد مثلًا يحب الغلمان، لا يدعك تناقشه في مقالته، بل يذهب لأفلوطين، ويبدأ بشرح فلسفة طويلة عريضة، عن العشق الذي يحرك الكون، هنا يتعقّد الأمر، ولربما صار النقاش في الإلهيات، وهو كل قضيته كانت ما سمي في التاريخ بـ(عشق الصور) الرجل مغرم بالغلمان بحجة أنه يشاهد الجمال الإلهي!

قديمًا قيل: العلم نقطة كثّرها الجهّال، لكن هؤلاء (المتحذلقون) كانوا يريدون سياجًا حول النقطة التي يدافعون عنها، لذا فزعوا إلى فلسفتها وتضخيم السياج حولها، ما الذي كان يعرفه الشيعة الأوائل من الفلسفة لا شيء، ثم تم ضخ المنطق، والتوسيع في العبارات، والتشقيق للألفاظ كل هذا لإظهار المذهب على أنه عريض متفنن مستمد من علوم آل البيت، القضية كانت مجرد نقاش في الإمامة في البداية!

الشيء نفسه اليوم، واحد مغرم بأبي قتادة الفلسطيني، سواء في التكفير، أو القتال، يحاول أن يضع سياجًا على الموضوع، وبدل أن يقول لك الطواغيت صار يقول: الحداثة، وائل حلّاق يقول، وهكذا الأمر أبسط من الحذلقة الموجودة عند حلّاق نفسه، وإن عقّد الأمر إلا أن سرديته التاريخية معاصرة، وتشير بقوّة إلى أنه اعتمد قراءة من القرن العشرين للقرون الأولى لا أنه درسها نفسها.

لذا نحن بحاجة لعلوم تتحرك على أرضيتها الفلسفة، لا مجرد ادعاءات غير خاضعة للفحص، ونبدأ بفلسفتها، هنا تأتي أهمية التاريخ وتحقيق مقالاته، فالناس لن تعجز عن فلسفة أتفه الأفكار، ويتم تضخيمها فحسب، وتذكرون مرحلة تم فيها تحريف معنى الآية، لصالح (إعجاز علمي) أو (عددي) ويلقى جمهورًا، والقضية من أساسها مجرد زج في المعنى، لا استمداد منه، لذا فإنَّ التاريخ فضّاح، وهو الأهم اليوم قبل الانطلاق لفلسفة مقالة.