أن تُعجب بوائل حلّاق

هذا تابع لمعرفتك، ونصاب انبهارك، ولا يعني لي شيئًا، وهذا رأي سريع في لطمية حلّاق الطويلة في أكثر من 4 ساعات في ذم الحداثة، وترديد بعض الكلمات دون فهم لمدلولها، مرّة من كارل ماركس، وأخرى شميت، والنتيجة رجعية يصعب عليها أن تعجب (رجعيًا أصيلًا) مثل دافيلا، الذي يتسق مع نفسه، فلا يشتمل تذمره من انهيار العالم القديم مفاهيم يسارية، بل ينطلق من مفاهيم أرستقراطية، أما حلّاق فيعجب مدمني الصبيانية اليسارية.

مع لهجته الناصرية (نسبة إلى الناصرة) ذكرني بمقطع في مسلسل (التغريبة الفلسطينية)، حين تسلل بعض الشباب اللاجئين، إلى أراضٍ فلسطينية، وحملوا معهم برتقالًا من الأراضي المحتلة، ثم لما رجعوا إلى مخيمهم، قال والدهم: هل تظنون هذا برتقال! وهو يحسب أنه اشتروه من محل قريب، قال: البرتقال قديم في بلادنا، كنت تحمله فيشتم الناس رائحته من مسافة كذا وكذا، أما هذا فلا لون ولا طعم، فيجيبونه: هو من بلادنا!

هكذا يصوّر حلّاق العالم القديم، كان رائعًا جدًا، (في التاريخ الإسلامي لم يتدخل الحاكم في الشريعة) هي (مستقلة)، فيقول أبو مالح المقدّم: عمر بن الخطاب لم يتدخل؟ الجواب: لا هذا مختلف هو تدخل بصفته صحابيًا لا حاكمًا، لأن الصحابة لها معنى (إبستملوجي)، المقدّم: المأمون في محنة خلق القرآن؟ لا هذا مختلف هذا (في العقيدة)! جواب عالي! رغم أنَّ أهمية المسائل العقدية أعلى أهمية من الفقهية، لكنه لا يعنيه.

-حسن، ابن تيمية سجن في مسألة فقهية؟ الجواب: هذه الحالة مثل آل كابون حين عجزت الولايات المتحدة عن إدانته في الجريمة، أدانوه بالتهرب الضريبي! يعني الحاكم يتدخل؟ لا يجيب، بل يعطي تشبيهًا للواقعة التي ذكرت في سياق اعتراض عليه!

العالَم القديم “لا نعرف أشكال الحرية التي تمتع بها” لأن الحداثة جعلت الحرية في الجانب (السياسي) وهو ذو مدلول (اقتصادي) أما غير ذلك فقد انقرض، لكنه يبني إحصائيات حتى عن (السعادة) في المجتمع القديم، ونسبة الانتحار، كيف يعرف كل هذا من مجتمع يرى أنه انقرض؟ لا تتوقف فكرته هذه (اشتراط التجربة المباشرة في المعرفة) فيطل بها متى يحتاجها، فحين يتعرّض لـ(النصارى) في الشام ويقول تعرّضوا لتضييق وقت الحروب الصليبية، يقول: لم أكن معهم حتى أعرف هل تعاونوا مع القوات القادمة أو لا؟ (فخامة التعليق التاريخي تكفي، نحن ينبغي أن نكون مع من نكتب عنهم حتى نعرف)

أيٌّ اعتراض يوظفه (ضد الحداثة) رغم أنَّ اقتباساته لها سياق يضاد مقصوده، فيكون توظيفه لها ضد الحداثة متضمنًا تحريفًا لها، مثلًا كارل ماركس (فيلسوف حداثي) ينقد الرأسمالية، ليدفع إلى ما بعد النظام الرأسمالي، في إطار الحداثة، لا إلى ما قبله بما فيها المنجزات التقنية كما يريد حلّاق! ويعتمد تصويرًا مبتذلًا لتحليل ماركس (في اختزال اقتصادي) كأن القضية مجرد اقتصاد، من معه المال يحكم، مع حذف تحليله للمجتمع (الإقطاعي) القديم! أو تبشيره بمستقبل وفق إطار الحداثة.

ويمكن بسهولة أن يستعمل معه الإحصائيات التي تحدثت عن موت 10% في القرن التاسع عشر في المنطقة بسبب السياسة الإقطاعية التركية، لا يعني له هذا شيئًا، فالمهم أن يقول: (الإنسان الحداثي مهان) (دخلنا عصر الجنون)! إلى باقي الشتائم، من يقصد بقوله؟ “الكل دخل في الحداثة” “إذا عندك آيفون أنت حداثي”.

وفجأة يمدح مقدّم البرنامج الذي يستضيفه، ويحلله بعبقرية، السبب في انتشار برنامج أستاذ أبو مالح: ذاتيتك! [انظر السبب العلمي، ذاتية المقدّم]، ويثني عليه كأن الرجل ليس هدفه الربح، بحجة الانتشار، (حلّاق يحتكم للانتشار [معيار رأسمالي]، كمعيار للنجاح لا مشكلة لديه) برنامج ثمانية نفسه صرّح بكل وضوح أنّه لا يعتمد مبدأ الأمان الوظيفي، لذا فخيار الطرد من البرنامج، دومًا وارد، للتحفيز! وائل حلّاق يستثني من شاء مِن هجائيته للرأسمالية، متى رأى المجاملة تخدمه.

ويستعمل في أفكاره الرجعية أي شيء حتى ولو كان تطرّفًا أشد من تيد كازنيسكي، لكن مع الاحتفاظ بموقعه الوظيفي، والحديث عن جامعة كولومبيا مرارًا، وأنه يقول لطلابه في المؤسسة (الحداثية) بمعنى (هجائية مع محافظة على الامتيازت)، حتى الاحتكام إلى معايير الجامعات الحداثية في الكتابة التي نال عليها درجة الدكتوراه، رغم أنه يخوض حملة على (العلم) الحداثي، بأنه يختلف عن (العلم) في العالَم القديم.

أنظر العبقرية هنا، يقول: “إذا أقمنا بناية من ثلاث طبقات على الشاطئ فإنَّ هذا يغيّر الموازين، لو أراد الله أن يكون هناك بناية بطبقات لخلقها من الأساس، كل تغيير له نتائجه”