إلى أي درجة يكون الجديد مريبًا

الأذواق الاجتماعية تختلف من مجتمع لآخر، يتبع هذا تقدّمها وطرق تفكيرها وثقافتها، وليس غريبًا على المجتمعات الميل إلى من مدحها، لكنه في تلك التي اعتادت الاستهلاك، لا الإنتاج، ويسود بينها الثقة المفرطة بالنفس، والاعتداد بما وصلها من تمجيد لتاريخها، فإنه يكون خطيرًا.

فهو يبعث فيهم الاطمئنان إلى روايتهم، ونظرتهم، والاكتفاء عن تغيير أفكارهم وأحوالهم، فيقطعون أواصرهم بالسؤال عن أسباب نهضة غيرهم، ويعوّضهم عن هذا ما يطربون له من هجائهم لغيرهم، وتسفيه أفكاره ومنجزاته، فهو لا شيء! فعلامَ يساءل عما قدّمه.

ومن تلقى منهم طرفًا من التعليم الحديث، ويفخر به إلى حدود جعل ما تلقاه جزءًا من الأدلة التي يقدّمها على صواب كلامه في مختلف المواضيع! فإنك إن فحصت طرق تفكيره تجد أنه لا يكاد يعرف شيئًا عن المنهج الذي أوصل إلى ما عرفه، ولا ما ارتبط بذلك من سقوط دعاوى لا يزال يرددها بنفسه، فتاريخ العلوم في حيّز الأمية، فيجمع بين تخصصه الذي تعلمه وأفكار لو أنه احتكم إليها لحارب ما درسه!