رأيت مقطعًا لأزهري يعلّق فيه على المعلمي، يقول: إنه دخل في علم الحديث معتقدًا مذهبًا، متضاحكًا مع الملتفين حوله قائلًا: هو رجل جاء من اليمن أمس! ولا أدري ما هذا؟ ما علاقة هذا بالتقييم العلمي، لم يبق إلا أن يذكر لون بشرته!
قال: قد يراه بعض الناس على حق، وآخر على باطل! هل يوجد عاقل لا يعرف هذا؟ لا يجيب، يعنيه أنه دخل على المسألة بمذهب فحسب! بقطع النظر هل هو محق أم لا، لقد اعتقد مذهبًا! وهذا قمة التحقيق العلمي.
من مؤسسة يخرج قائلها كل حين ليقول بأنها تقوم على التمذهب، صارت علّة المعلمي أنه دخل في الكتابة لأنه اعتقد شيئًا فكتب فيه! رد على السبكي الذي كتب (شفاء السقام) وعلى هذا فالسبكي دخل معتقدًا مذهبًا! وكتاب (التنكيل) هو رد على الكوثري في (التأنيب)، دخل معتقدًا مذهبًا.
وعلى طريقته، مالك حين أتبع الحديث بقوله: ليس العمل على هذا عندنا، أو عليه العمل، وأبو يوسف حين رد على الأوزاعي، والشافعي في(الأم) حين ذكر أدلته التي بنى عليها مذهبه، دخل يعتقد مذهبًا.
لو بقي في التركيز على الموضوع، دون فوقية وإلماح غريب إلى موطن الرجل، لمر الأمر دون ضجيج، ولو علّق على كلام المعلمي المنقول، وقال أخالفه في قوله، وساق ما يراه دليلًا لما كان لأحد أن يرد إلا بما يثار في المسألة، بدل كل ذاك!