تمرير اشتراط الموافقة قبل النقد!

هناك أسلوب في الليبرالية المنفتحة المزعومة اليوم، يأتي من يقول لك لا إشكال في النقد أخي الكريم مع الاعتراف الكامل بالمكانة والرمزية واحترام المخالف فيما أداه إليه اجتهاده والتزام الأدب والتدقيق في العبارة، وتخيّر المكان، والزمان، الذي هو في النهاية: لا تنقد أقصر عليك من طريقنا الطويل!

بداية على الجميع أن يعترف أن رموزه ومكانتهم قد لا تساوي فلسًا عند المخالف، حرفيًا هذا، ماذا يعني أوغسطينوس والأكويني بالنسبة للمسلم؟ هل لهم مكانة، هل لهم أدنى احترام ديني؟ نعم يراعي الكاتب اللغة العلمية، كما أن لغة المحاججة لا تحرص على إثارة ما لا يلزم، لكن الكتابة بلغة محايدة تعني تحييد اشتراط الاحترام كذلك التفخيم من الحوار فقط، لأنها ليست موضع الخلاف بل أثر على الخلاف.

ويمكن تصوّر الأمر بين الطوائف، فهل يعتبر السني مخالفه من الشيعة الذي يعتقد كفر ونفاق من يراهم السني أئمته وعلماءه هل يعتبر مشايخهم مجتهدين بكامل المكانة الاجتهادية؟ بحيث يكون عنده قول محقق في مذهب كقول الطوسي والمفيد؟ حتمًا لا، والعكس صحيح، فلما يعتقد الشيعي مكانة رموز السني حينها يصير سنيًا أصلًا!

فعلى اللغة التي يشترطونها في الحوار بتقديم الاعتراف بالمكانة لا يعود للحوار من معنى بين الطوائف والأديان إلا متى وقع الاعتراف بالمقابل، وهذا يعني أنهم يفقدون لغة الحوار إلا بين طائفتهم الواحدة، وفق مسلّماتهم هم فقط!