التسامح ليس فيما يدّعونه!

التبجح بالتسامح بين فاقديه يصوّر أن النقد والحوار يكون على أسس من الاتفاق الكامل على أصول ما يقولونه بحيث يضحي صوت المخالف هامشيًا ثانويًا داخل الطائفة فقط، وليس هذا التسامح المزعوم فيه أدنى ما يفي بالمقصد، فليس إنجازًا أن تتسامح مع من يسلم بمرجعية علمائك وكلامك وطائفتك وإلا فهو قد وضع نفسه في حيّز الرفض السلوكي والإعدام المعنوي.

إن كان من شيء يوصف بالتسامح فهو مع من لا يسلّم بمسلماتك، وحينها تظهر قواعدك في الخلاف، وأوضح مثال على هذا أن تأمر بالإحسان لمن أحسن إليك: رغم أن ذلك المخالف يقول لله ولد، والمسلم يعتقد أن هذا القول تكاد السماوات أن تتفطر منه! هنا يمكن أن توصف بالتسامح، أما أن تقول لي أتسامح معك فقط إن اعترفت بمكانتي الدينية، وعلميتي الفذة فهذا ما التسامح فيه؟ أنت تقول كن تابعًا لي إلا ربعًا وسأغض طرفي عن فسحة لك من التبعية!