تقييمًا للعمل الفني!
أعلنت قناة MBC عن مسلسل (معاوية بن أبي سفيان)، ودون أي لقطات مسرّبة، بدأت معركة البيانات، فأعلنت قناة شيعية عن إطلاق فيلم أبي لؤلؤة مرورًا بمقتدى الصدر الذي اعتبره إحياءً للفتنة! إلى هيئة الإعلام العراقية التي أعلنت عن منع بث المسلسل، وفيلم أبي لؤلؤة، يلفها مجموعة من التعليقات التي تصفق بحرارة للقرار الحكيم الرشيد، فلا يجوز التعرض لهذه الشخصيات في عمل فني، لحفظ “استقرار البلاد والسلم المجتمعي”.
الحرص على السلم الأهلي في العراق تمثل كذلك في تصريحات مشهورين في وسائل التواصل يتبعون مليشيات عسكرية تفلّتوا على من يعجبه معاوية، نوعًا ما الرسالة وصلت، الديموقراطية والسلم الأهلي تتسع لمن يقول المسيح ابن الرب الوحيد، لكن من يقول معاوية أمير المؤمنين هنا تبدأ المشكلات، آخرون من الطائفة السنية قيّموا المسلسل وفقًا لتصريحات سابقة للكاتب، أو موقف ديني للممثل وأنه لا يصح له أن يجسد الصحابي للجليل.
أطلق إعلان المسلسل عملًا فنيًا كوميديًا في الحياة الواقعية بكامل تفاصيله حين خشى زعيم ديني يقود جيشًا مسلحًا يعدّ بالآلاف يحتشدون في عرض عسكري أمامه، مدججين بالسلاح، لكنه يخشى الفتنة من مسلسل! لا تعرف هل ستنفتح الأسلحة بإطلاق النار من أول حلقة أو يتريثون لآخرها، كان الجمهور الفني مليشيات متناقضة ومتصارعة تمر بجانب ناقد فني منهم يتجول بقاذفة صواريخ محمولة لتسأله عن رأيه في العمل سلفًا؟!
ومشايخ يمتعضون من الإخلال بالضوابط الشرعية غير المفهومة في الأعمال الفنية، على سبيل المثال تحريم تمثيل العشرة المبشرين بالجنة! ولكنَّ القائل شارك في مراجعة سيناريو مسلسل عمر، فضلًا عن قواعد مثل إلزام الممثل بعدم الإخلال بهيئة من مثّله في أعمال أخرى! الأمر شبيه بإلزام براد بيت بأن يضحي إغريقيًا لأنه مثل دور إخيل قي طروادة، لا يجوز له أن يخرج بأي عمل يخل بشروط ظهوره في الفيلم، عندنا مجموعة من المشايخ قرروا شروطًا في الأعمال بما يجعل من دخول الإسلام نفسه أيسر من الدخول في عمل فنّي، فلا تعتبر المعصية والكبيرة مخرجة له من الدين، لكن متى كانت مخلة بصورة من مثله في عمل آخر فيجب منعه من دور الشخصية!
فضلًا عن ضابط السماح بالظهور أو منعه بطريقة غامضة، الأمر يذكّر بفيلم الرسالة حين صلح إظهار عم النبي صلى الله عليه وسلم: حمزة، لكن مُنع ظهور ابن عمه، (عليّ)! كذلك تجد الأمر في الإنتاج الإيراني إظهار نبي (يوسف)، لكنَّ الأمر يتحول عند تصوير أحد الأئمة إلى معضلة فلسفية كبرى، غالبًا ما تنتهي بظهور كشّاف ضوئي على وجهه كأنه نصف إله من عالم الإغريق!
فضلًا عن قائمة طويلة ترى تحريم تصوير ذوات الأرواح أساسًا، أو التمثيل بخصوصه، كان لأحمد بن الصديق الغماري كتاب بعنوان: (التنكيل والتقتيل لمن أباح التمثيل)، قضية طويلة، تستعرض المواقف والمبادئ مسبقًا دون أي قدرة للوصول إلى تقييم فني بعد، ولا يزال التحريم هو الخيار الأقرب الذي تتمنى لو أن هؤلاء التزموه جميعًا بدلَ سماع مشتركين بحروب أهلية، وقادة ميليشيات مسلحة حرصوا على استقرار الوطن، فتحولوا إلى ناقدين فنيين لعمل قبل أن يشاهد أحدٌ.