ما أكثر همزاتنا المحذوفة!
ثارت ضجة مؤخرًا على أحد المشتركين في برنامج شعري، ذكر فيه الشاعر شطرًا بصورة صحيحة: “يعجبني في الذكريات سخاؤها” فاعترضت اللجنة المحكّمة، وكانت الخطأ حليفها، كيف سيتعاملون مع الموضوع؟ كان الحل الأسهل أن يحذف همزته ويتجنب الجدال! رغم أنّ الحق البيّن أنه على صواب وهم على خطأ. هنا تحركت اللجنة فحسب! بعد حذف الهمزة، فشكروا له حسن أدبه! هذا يعطينا معنى قلة الأدب في مثل هذا السياق لو أنه أبقى على البيت، كأنه لا حق ولا باطل، والأدب أن تحذف الهمزة، وألا يتاجر بالصواب، لكن يحق لأمثالهم أن يتاجروا بالأخطاء ويبقوا في مناصبهم الرفيعة! كم مثل هذه الهمزة وطريقة الأدب فيها تكررت في تاريخنا وحاضرنا، كل ما يثير الجدال احذفه وتجنبه، وبهذه الطريقة تحولت مواضعها للمجاملة والرياء والنفاق الاجتماعي، ودفنت لأجلها مواضع كان الحق فيها بيّنًا ثم أضحى ملتبسًا ثم صار منكرًا الحديث فيها!