من أنتم لتردوا على العلماء!

حين كتب سلمان رشدي روايته (آيات شيطانية) استوحى عنوانها من رواية، تزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم مدح اللات والعزى ومناة، وتعرف تلك الرواية برواية “الغرانيق”، وكان الألباني كتب رسالة في إبطالها (نصب المجانيق)

الرواية تقول: “قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَالنَّجْمُ فَلَمَّا بَلَغَ أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ مَا ذَكَرَ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ قَبْلَ الْيَوْمَ فَسَجَدَ وَسَجَدُوا”

والعديد من الناس لم يقرأ كلام ابن حجر (٨٥٢هـ) عليها في (فتح الباري) إذ رفض إبطال الرواية من أصلها، وقال: “كَثْرَةُ الطُّرُقِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْقِصَّةِ أَصْلًا مَعَ أَنَّ لَهَا طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ مُرْسَلَيْنِ رِجَالُهُمَا عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْن”، وحمل على من ضعفه فقال: “وَقَدْ تَجَرَّأَ أَبُو بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ كَعَادَتِهِ فَقَالَ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ بَاطِلَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا وَهُوَ إِطْلَاقٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ”، ثم ذكر كلام من ضعفه وقال: “وَجَمِيعُ ذَلِكَ لَا يَتَمَشَّى عَلَى الْقَوَاعِدِ فَإِنَّ الطُّرُقَ إِذَا كَثُرَتْ وَتَبَايَنَتْ مَخَارِجُهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَهَا أَصْلًا وَقَدْ ذَكَرْتُ أَنَّ ثَلَاثَةَ أَسَانِيدَ مِنْهَا عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ وَهِيَ مَرَاسِيلُ يَحْتَجُّ بِمِثْلِهَا مَنْ يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ وَكَذَا مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِهِ لِاعْتِضَادِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ”

هذا الكلام لا يفترض أن يتعقبه بنظر المقلدين أحد، فمن هو حتى يرد على ابن حجر، وتصور لو كان هذا الكلام في أثر يرونه في التبرك بتربة، وهي دون هذا التقييم-من ابن حجر-لأسانيد هذه الرواية، ولو قال هذا الكلام غير ابن حجر تصور ماذا سيقولون فيه!