لطالما كانت دعاية العديد من المتصوفة، أن الوهابية قاموا على قطاع لم يكن أكثر من مطبق لمسائل جزئية خلافية، وهتفوا لسحقها، لو رجعنا إلى مصادر تاريخية بعيدة عن الوهابية والصوفية، ماذا نجد؟
إبراهيم محمد علي باشا الذي قاد الحملة على الوهابية ..
“تسامح إبراهيم الديني نفسه عكّره إلحاد راسخ، ماجن، فقد كان هو نفسه وشريف باشا، وعلى إثرهما كل أكابر الأعيان المصريين تقريباً، يكنّون في نفوسهم احتقاراً شديداً للقبيلة العربية كلها، وبدوسهم على أوهامها داسوا في الوقت نفسه قوانين الإسلام الجذرية . كان إبراهيم يعب الشمبانيا علانية في دمشق وفي كل المدن سورية … نادراً ما كان يظهر في المسجد، ولم يكن في ساعات الصلاة يقوم بالوضوء الشرعي، ولم يكن يصوم رمضان، وكان المحيطون به يتباهون بتحررهم الفكري على نحو صبياني وكان الجيش خالياً من الأئمة، وإذ طبق محمد علي النظام العسكري الفرنسي بلا تبصر غاب عن أنظاره الفرق بين العناصر والأحاسيس الشعبية للقبائل الفرنسية والعربية …. أهان بلا فائدة شعور الشعب الديني نفسه، وسمح للكثير من الرحالة الأوروبيين بزيارة مسجد عمر في القدس . …. وهكذا فإن إبراهيم الذي سبقته في حملته على سورية سمعة المنتصر على طائفة الوهابيين المرتدة وحامي حمى أماكن الإسلام المقدسة من انتهاكات المنشقين والذي أحيط اسمه ببركات الحجاج على الطريق الذي فتحه من دمشق إلى مكة، شاع صيته بين الشعب في غضون عدة سنوات من حكمه في سورية بمثابة كافر، ومارق، ومتمرد على العاهل الشرعي، ورئيس الإسلام الديني.”
(سورية وفلسطين تحت الحكم العثماني، قسطنطين بازيلي، ترجمة: طارق معصراني، دار التقدم–موسكو، طبع في الاتحاد السوفييتي، 1989م، ص164-165.)