أحكام ذوقية:

لم يجد العديد من المتصوفة أي غضاضة بتكفير من نقل رواية وكيع على الرغم من أنه:

١-لا ينسب لساكت قول ما لم يصرح. ٢-من أسند فقد أحال. ٣-ناقل الكفر على فرض أنه كفر= ليس بكافر. ٤-الأحكام الفقهية تقام بحكم الظاهر لا على ظنون المفتي بل ولا علمه الباطن. ٥-تجاهل أنهم يحكمون على وكيع وسفيان بالردة، وهذا يعني رفض كل رواية من طريقهما، والطعن في كل من وثقهما.

هذه مجتمعة تظهر أي عبث يجري التعامل معه من هؤلاء المنتسبين لدراسة العلم الشرعي، ويشاركهم بطبيعة الحال بعض الدراويش والانتهازيين من غيرهم، الذين يتوعدون فيما لو عادوا لسدة الحكم وتولوا القضاء الشرعي في الدماء، من باب أبشر بطول سلامة يا مربع، ويتناسب طرديًا عجزهم مع تعطشهم للدماء، ويتغافلون أن سلفهم عبد المجيد لم يقدر على مس شعرة من وكيع في عز الدولة العباسية.

لكن حسن، كيف يجري التعامل مع كلمات جاءت في ترجمة شخصيات يحترمونها:

١-الحسين بن منصور الحلاج (٣٠٩هـ) قُتل في (القضاء الإسلامي) بفتيا رسمية بتهمة الزندقة، فماذا يقول فيه علي جمعة؟ هل هو مبتدع أو متصوف؟ يجيب علي جمعة “متصوف” ويقول عن الجنيد “لو كان الأمر لي لأنقذته ولو بقشة” بالمناسبة، الحلاج هو القائل:

كفرتُ بدين الله والكفر واجبٌلدي وعند المسلمين حرام ويقول: على دين الصليب يكون موتيفلا البطحا أريد ولا المدينة.

مع ذلك يتأولون له وانظر تفسيرهم لهذين البيتين تجد العجب، ويرفض علي جمعة وأتباعه اعتبار الحلاج مبتدعًا.

٢-ابن حجر الهيتمي (٩٧٤هـ) وهو من الشافعية المتأخرين، قدّم إليه سؤال يقول: “عَن معنى قَول أبي يزِيد خضت بحرًا وقف الْأَنْبِيَاء بساحله”

وهي كلمة يتداولها المتصوفة في كتبهم بحق جميع الأنبياء، فما جواب هذا المفتي؟

قال لم يصح عنه لكن ((حتى لو صح عنه)): “يُوجب إِن لم يكن صدر مِنْهُ فِي حَال السكر صرف ذَلِك القَوْل عَن ظَاهره وتعيّن تَأْوِيله بِمَا يَلِيق بجلالة الْأَنْبِيَاء”

يعني يفترض فيه غياب العقل فإن لم يغب عقله سيتم تأويل هذا الكلام، “فَلَا يظنّ بِأبي يزِيد نفع الله بِهِ إِلَّا مَا يَلِيق بجلالة قدره وعلو مقَامه” وهكذا مهما قال الصوفي فلديه حصانة فقهية.

٣-بطبيعة الحال سيتعاملون بهذه الصورة مع الفخر الرازي (٦٠٦هـ) عمدتهم، قال أبو شامة (٦٦٥هـ): “كانوا يرمونه بالكبائر …. ولا كلام في فضله وإنما الشناعات عليه قائمة بأشياء منها: أنه كان يقول: قال محمد التازي يعني العربي يريد النبي صلى الله عليه وسلم وقال محمد الرازي يعني نفسه” تمضي عادية.

هذا يظهر أي قضاء يعدون به الناس، أي مشروع-زعموا-في أذهانهم، متى كنت معهم سيجري التعامل مع كلامك مهما كان بمراحل: ١- لم يصح عنه، ٢-إن صح كان غائبًا عن الوعي ٣-إن لم يكن غائبًا وقاله فقصد شيئًا خلاف ظاهر كلامه ٤-نفعنا الله ببركته.