“وقع الغلاء في الدولة الأيوبية وسلطنة العادل أبي بكر بن أيوب، في سنة ست وتسعين وخمسمائة، وكان سببه توقف النيل عن الزيادة وقصوره عن العادة… وعدم القوت حتى أكل الناس صغار بني آدم من الجوع.

فكان الأب يأكل ابنه مشويًا ومطبوخًا، والمرأة تأكل ولدها، فعوقب جماعة بسبب ذلك، ثم فشا الأمر، وأعيا الحكّام، فكان يوجد بين ثياب الرجل والمرأة كتف صغير، أو فخذه، أو شيء من لحمه، ويدخل بعضهم إلى جاره فيجد القدر على النار، فينتظرها حتى تتهيأ فإذا هي لحم طفل!

وأكثر ما يوجد ذلك في أكابر البيوت، ووجدت لحوم الأطفال بالأسواق، والطرقات مع الرجال والنساء مختفية…ثم تزايد الأمر حتى صار غذاء الكثير من الناس لحوم بني آدم بحيث ألفوه، وقل منعهم منه لعدم القوت من جميع الحبوب وسائر الخضراوات”

(إغاثة الأمة بكشف الغمة، أحمد بن علي المقريزي [٨٤٥هـ]، دار الهلال، ص٦١، ٦٢.)