صبيانة يسارية!

عندك حالة متكررة، حاليًا خفتت قليلًا بعد نتائج الأحداث في المنطقة العربية، وهي أنك تكون جالسًا في أمان الله، ثم تجد شخصًا أرسل لك رسالة بالجملة الثورية الرهيبة: “يا أخي لمَ لا تتكلم عن الطغاة، السجون، مشاكل إخواننا في الدولة الفلانية” يصيبك الفضول! تدخل صفحته، الأخ جالس يشوي لحومًا في رحلة مع أصدقائه، بعدها الأخ يستمتع على البحر!

وطبعًا لا تنسى قصف الجبهة الرهيب: هل تخاف؟ من أقنع هؤلاء البشر أن هناك في الكوكب من لا يخاف؟ الأمر طبيعي جدًا أن يخاف البشر، ولذا في كل حرب تجد ملايين اللاجئين! حتى إن هناك شيئًا في الإسلام، اسمه “صلاة الخوف” وفي القرآن عن موسى “فخرج منها خائفًا” لكن لا علينا هو يريد أن يتقمص دور الكائن الذي يخالف طبيعتنا التكوينية لا إشكال.

ما الذي تحب سماعه عزيزي؟ بالمناسبة هناك عشرات المشاهير ممن ركبوا هذه الموجة، ثوريون على الفيس، وجنرالات يفترض أنهم متقاعدون حاليًا نالوا شهرتهم بسحق عشرات الأنظمة وهم يخشون على حسابهم من التبليغ! حتى الثورات الكبرى التي حدثت في العالم كانت نتيجة اجتماعية (لا فردية) وبتراكم تاريخي لا نشازًا، ساهم فيها نتاج لفلاسفة ومفكرين ومنظرين وظرف تاريخي اقتصادي وأحداث عالمية، لأنه إن كان هناك تغيير للأفضل فسيكون مردوده يتناسب مع واجبات من سيصيبهم الخير المفترض، ليس مجموعة أنفار! وبالتالي فاليسار الذي يتحدث عن المثقف المشتبك، والمثقف الذي يحترق لينير الطريق مجرد معزوفة رومنسية بائسة.

ويتكدسون حول بطالة المزايدة هذه، غالبًا يتثاقل أن يقرأ كتابًا، لكنه يريد تغيير العالم، يعجز عن عمل يومي جاد لسنة في موضوع معين، ويظن أن هناك عصا سحرية ستغير، بطبيعة الحال هؤلاء هم جنود الاحتياط لتحويل أي ثورة إلى حرب طائفية، وصولًا إلى تحويلها إلى قطع الطريق، فمع انطلاق أي تغيير يكون ما صرخوا به لسبعين سنة تحقق بأول نزول إلى الشارع، وبعدها؟

هل أعد رؤية لطريقة تنظيم المجتمع، التعامل مع العالم، الخلافات الداخلية، فلسفته السياسية صفر حرفيًا، ونبدأ نرتجل، الأخ لم يكن معه وقت، ٧٠ سنة وهو يصرخ ويزايد، فلتسقط/ولتقم أيها المارد، وبعدها غيب، نتركه للزمن! عزيزي الثوري من هذه العينة اسمح لي أن أصارحك برأيي فيك: أنت تافه، ولا أرى فيك-في أبعد الأحوال هذا إن قدّر لك السيطرة على شارع-إلا عسكريًا يقمع مخالفه في أول فرصة في شبق لتقليد النظام الذي تزعم مخالفته بصراخك، بعنفوان أكبر في ضيق الأفق والارتجالية وقصر النظر.