ليس فيهم أصولي، ولا فقيه!

تتردد هذه الانتقادات بين حين وآخر من تيار لآخر، من فرقة لأخرى، في تجاوز لحقيقة أن البشر هم البشر، وأن العلم بالتعلّم، فمهما انتمى امرئ لفئة أو فرقة، يمكن بالجهد والممارسة أن يضحي رأسًا في صنعة يدرسها، والفرق الإسلامية على اختلافها لا تذوب الخلافات بينها لأن واحدًا من فئة أبدع في صنعة وبز أقرانه، إذ يمكن لآخر من فئة مخالفة له أن يدانيه، ويجاريه، بل أن يسبقه فيها، ويمكن أن ينقلب الحال وتهمل فئة البحث والكتابة في حين كانت سبّاقة فيها.

والسؤال الذي يبقى هو البحث في الفرقة نفسها، في أفكارها ومبادئها، بقطع النظر هل أهمل أتباعها تلك الصنعة أو برعوا فيها، وسوق هذه النقد على فئة، فيه تجاهل للخلاف الحقيقي لعوامل ثانوية، الأمر أشبه بالبحث في الخلاف بين النظام الجمهوري والملكي، فيأتي معترض على نظام جمهوري معيّن بأن فيه فسادًا، أو في ملكي بأن فيه فسادًا، فكأنه في هذا يسلم بالنظام الملكي ما خلا من الفساد الإداري، وبالجمهوري ما خلا منه! إنه اعتراض على ظروف وحال الملكية أو الجمهورية، لا على النظام نفسه.

وكذلك حين يقال: إنَّ المعتزلة فيهم الأصولي والنحوي والفرَضي والفقيه، ونحو ذلك، هذا صحيح تمامًا وفي مخالفيهم كذلك النحوي والفقيه والأصولي، وقد يضعف في غيرهم في زمن ما قوى فيهم والعكس صحيح، لكن هذا بحث في موضوع زائد على البحث في فرقة الاعتزال أو الشيعة ونحو ذلك، من جهة مبادئهم وصحة عقدهم.